المتن المفصّل المرويّ عن نفس الراوي، والذي جاء فيه: «إلّاأن يتغيّر ريحه وطعمه، فينزح حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه»[1].
والخبر الآخر: صحيح هشام بن سالم المتقدّم[2] الذي ورد في ماء المطر، وعلّل فيه عدم انفعاله بالبول بالأكثرية، فإنّ الأكثر- بعد إرجاعها إلى القاهرية كما عرفت سابقاً- تكون دالّةً على أنّ عدم الانفعال منوط بقاهرية الماء على البول، فإذا لم يكن قاهراً لم يحكم بعدم الانفعال، بل يحكم بالانفعال بمقتضى مفهوم التعليل. ومن المعلوم أنّ القاهرية منتفية مع فرض تغيّر لون الماء بسبب البول، فيتمسّك بإطلاق مفهوم التعليل لإثبات النجاسة.
ولكنّ هذا التقريب يتوقّف على وجود مفهومٍ للتعليل بحيث يتمسّك بإطلاقه، وهو لا يخلو عن إشكال، فإنّ مقتضى التعليل إلغاء خصوصية المورد وإسراء الحكم المعلّل إلى سائر موارد العلّة، وليس مقتضاه حصر الحكم المعلّل بالعلّة بحيث ينتفي بانتفائها.
فإذا قلنا: «أكرم زيداً لأنّه عالم» دلّ التعليل على إسراء الحكم بوجوب الإكرام إلى سائر العلماء، ولكن لا يدلّ التعليل على أنّ ملاك وجوب الإكرام منحصر بالعلم بحيث لا يجب إكرام غير العالم ولو كان عادلًا، أو كبير السن مثلًا.
ففي المقام تعليل عدم انفعال ماء المطر بقاهريّته على البول يقتضي إسراء عدم الانفعال إلى سائر موارد قاهرية الماء، ولا يقتضي انتزاع المفهوم بحيث يدلّ على أ نّه في مورد عدم القاهرية يحكم بالانفعال مطلقاً.
والتحقيق: أنّ التعليل وإن كان ليس له مفهوم بحيث يتمسّك بإطلاقه لنفي
[1] وسائل الشيعة 1: 141، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 12
[2] وسائل الشيعة: 1: 144، الباب 6 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1