قرينةً صارفةً من لزوم وروده عملياً بلحاظ الفرد النادر مدفوع: بأنّ حصول الاطمئنان بأنّ الدم الذي على منقار الصقر من القسم النجس ليس أمراً غريباً؛ لوضوح أنّ الصقر ليس طائراً أهلياً، فهو يعيش في أجواء غير سكنيةٍ عادةً، وفي مثلها لا يتواجد اللحم المذكّى المطروح لنهش الطيور.
كما أنّ بيئة الواقعة إذا كانت بيئةً صحراويةً بعيدةً عن البحر- كما في كثيرٍ من المواضع- فبالإمكان أن يحصل الوثوق بأنّ هذا الصقر لا يتيسّر له سمك أو حوت. فالظروف إذن كثيراً ما تبعث على الاطمئنان بأنّ الدم من القسم النجس، فلا محذور في الحمل على الحكم الواقعي.
وثالثاً: أ نّا لو سلّمنا ندرة حصول الاطمئنان بأنّ الدم من القسم النجس فلا ضرر في ذلك إذا لم يكن المقصود من قوله: «فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب» بيان حكمٍ آخر، بل تأكيد نفس ما تقدّم من عدم الاجتناب بحصر غايته بأن يُرى الدم على منقار الطير، فإنّ هذا بنفسه اسلوب عرفيّ للتأكيد على الإطلاق في المستثنى منه. وهو نظير ما وقع في فقرةٍ اخرى من الرواية بالنسبة إلى حكم الدجاجة، إذ رخّص في سؤرها مع عدم العلم بالقذر، ومنع معه إذ قال: «إن كان في منقارها قذر فلا تتوضّأ منه ولا تشرب منه، وإن لم تعلم أنّ في منقارها قذراً توضّأ منه واشرب»، والقذر هو النجس، فليس الإمام عليه السلام في هذه الفقرة بصدد بيان النجاسة الظاهرية، بل في مقام بيان أنّ الطهارة لا يرفع اليد عنها إلّابالعلم بالقذر، تأكيداً على شمولها ورحابة صدرها.
الثانية: في توهّم منافاتها لدليل الاستصحاب بالبيان المتقدّم، وتقريبه: إمّا بدعوى كونها معارضةً لدليل الاستصحاب بالعموم من وجه؛ لشمولها لصورة العلم بالدم سابقاً مع الشكّ في زواله. وإمّا بدعوى كونها بحكم الأخصّ منه؛ لأنّ الغالب هو العلم عادةً بتلوّث منقار الصقر ونحوه في وقتٍ متقدّم.
أمّا الدعوى الاولى فيرد عليها: أ نّه لو سلّم التعارض كذلك فدليل