منه، إلّاأن ترى في منقاره دماً، فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب»[1].
وهذه الفقرة تشتمل على جملتين، وقوله: «فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب» هو الذي يدّعى كونه مخصِّصاً لقاعدة الطهارة؛ لأنّه حكم بالاجتناب بمجرّد رؤية الدم، مع أ نّه قد لا يكون من القسم النجس.
وأمّا قوله قبل ذلك: «كلّ شيءٍ من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه» فلا يعارض قاعدة الطهارة، بل يؤيّدها، وإنّما قد يتوهّم معارضتها للاستصحاب، حيث إنّها تقتضي بإطلاقها عدم الاجتناب، حتّى مع رؤية الدم سابقاً إذا لم يكن مرئيّاً فعلًا واحتمل زواله، مع أنّ مقتضى الاستصحاب حينئذٍ وجوب الاجتناب.
ففي الرواية المذكورة إذن جهتان من البحث:
الاولى: في توهّم معارضتها أو تخصيصها لقاعدة الطهارة.
وتوضيح ذلك: أنّ مفاد الجملة الملزمة بالاجتناب: إن كان حكماً واقعياً كانت دليلًا على نجاسة كلّ دمٍ واقعاً؛ ويكون ما دلّ على طهارة بعض أقسامه مقيّداً لها، ولا معنى حينئذٍ لدعوى كونها مقيّدةً لقاعدة الطهارة؛ لعدم كونها من سنخها مفاداً.
وإن كان مفاد الجملة المذكورة حكماً ظاهرياً بلحاظ حال الشكّ في هوية الدم أمكن أن تكون مقيّدةً لإطلاق القاعدة. ومقتضى طبع كلّ دليلٍ لم يؤخذ في موضوعه الشكّ هو الحمل على الحكم الواقعي، وحيث لم يؤخذ الشكّ في هوية الدم في الجملة المذكورة فظاهرها الأوَّليّ الحكم الواقعي، فلابدّ من إبراز قرينةٍ صارفةٍ عن ذلك، وما يدّعى كونه كذلك في المقام أ نّها لو حملت على الحكم الواقعيّ لزم تقييدها بخصوص الدم النجس.
[1] وسائل الشيعة 1: 230، الباب 4 من أبواب الأسآر، الحديث 2.