عدم وجوب التطهير كنّا نقارن بين بقاء المصحف فاقداً للطهارة وواجداً للصفرة الذهبية، وبين استرجاعه للطهارة مع فقده للصفرة الذهبية، وكانت قيمة الصفرة الذهبية تخفِّف من النقص الأوّل، ولكن في حالة البناء على وجوب التطهير تقلّ قيمة هذه الصفرة؛ لأنّها صفرة واجبة الإعدام شرعاً، كما هو واضح.
ثمّ إنّ ضمان هذا النقص- أعني نقص زوال الصفرة الذهبية على تقدير القول بوجوب التطهير- يثبت حتّى لو فرض عدم المالية لوصف الطهارة، وعدم المؤونة في نفس عملية التطهير؛ لأنّ التنجيس يؤدّي إلى كون الصفرة واجبة الإعدام، فهو بمثابة إتلافٍ مباشرٍ لها بمرتبةٍ من المراتب، فيضمن بمقدار الفارق بين قيمة مصحفٍ ذهبيٍقابلٍ لإبقاء لونه شرعاً، وقيمة مصحفٍ ذهبيٍّ يجب إزالة صفرته الذهبية شرعاً.
وأيضاً كنّا نفترض- بناءً على عدم وجوب التطهير- أنّ المضمون بالتنجيس قد يكون أقلّ قيمةً من كلفة عملية التطهير، بأن يفرض أنّ المصحف بالتنجّس يباع بثلاثة أرباع قيمته الاعتيادية، وأمّا نفقات تطهيره فتساوي نصف قيمته الاعتيادية، فالمضمون ربع القيمة، لا نصفها، إلّاأنّ الحساب قد يتغيّر في سوق المتشرّعة المبنيّ على وجوب التطهير؛ لأنّ شراء المصحف المتنجِّس حينئذٍ يتيح للمشتري أن يطهِّره، فيتنجّز عليه وجوب التطهير المستدعي لبذل ما يساوي نصف قيمته الاعتيادية بحسب الفرض، وهذا يوجب عدم الإقدام نوعاً من المتشرّعة بشرائه بأكثر من النصف، فقد يتصوّر حينئذٍ أن تكون القيمة المضمونة على المنجِّس أقلَّ من كلفة عملية التطهير بمقدارٍ معتدٍّ به.
هذا كلّه في المقام الأوّل. وأمّا المقام الثاني فيأتي الكلام عنه- إن شاء اللَّه تعالى- في المسألة التالية.