قال: «لا بأس، إلّاأن ترى فيه أثراً فتغسله»[1].
فإنّها تدلّ على الطهارة مع عدم رؤية الأثر ولو كان معلوم الملاقاة للنجس قبل وقوعه في الثوب، بل قد تكون الرواية واردةً في مورد العلم بملاقاة دودٍ للنجس سابقاً باعتباره في الكنيف، فتعتبر من هذه الناحية أخصَّ مطلقاً من دليل الاستصحاب.
والاخرى، قال: سألته عن الفأرة والدجاجة والحمام وأشباهها تطأ العذرة ثمّ تطأ الثوب أيغسل؟ قال: «إن كان استبان من أثره شيء فاغسله، وإلّا فلا بأس»[2].
وهذه أقوى من سابقتها؛ لأنّ كونها واردةً في مورد وجود حالةٍ سابقةٍ هي الملاقاة للنجس واضح، فتكون أخصَّ من دليل الاستصحاب.
ولكنّ الصحيح: أنّ هاتين الروايتين إن لم يدّعَ ظهورهما في أنّ نفي الغسل مع عدم رؤية الأثر أو استبانته من أجل عدم إحراز الرطوبة المسرية فلا أقلّ من أن يكون النفي مطلقاً شاملًا لفرض الشكّ في الرطوبة المسرية وفرض العلم بها، وحينئذٍ يكون معارضاً لدليل الاستصحاب بالعموم من وجه، لا بالأخصّية؛ لوضوح أنّ الاستصحاب لا ينفع لإثبات النجاسة في مورد الشكّ في الرطوبة المسرية، كما تقدّم في المسألة السابقة، ومعه يقدَّم دليل الاستصحاب لكونه بالعموم، وكون شمول النفي بالإطلاق، وهكذا يتّضح أنّ دليل الاستصحاب لو كان مقتضياً لإجراء استصحاب بقاء عين النجس فلا مخصِّص له، إلّاأنّ هذا الاستصحاب في نفسه لا يجري.
[1] وسائل الشيعة 3: 526، الباب 80 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
[2] وسائل الشيعة 3: 467، الباب 37 من أبواب النجاسات، الحديث 3.