واخرى يقال بأنّ منشأ انتزاعه حقيقة وراء ذلك، وتكون الماهية بدورها منتزعةً عن تلك الحقيقة أيضاً، وهي سنخ حقيقةٍ لو أمكن تصوّرها مباشرةً لكان ذلك مساوقاً للتصديق بوجودها وطارديّتها للعدم، وهذا قول بأصالة الوجود.
وعلى الأوّل لا إشكال في التكثّر لتعدّد الماهيات.
وأمّا على الثاني فتارةً يقال: إنّ نسبة مفهوم الوجود إلى تلك الحقيقة نسبة الكلّيّ إلى الفرد، بنحوٍ تتكثّر الأفراد، أو نسبة العنوان إلى المعنون مع وحدته.
فعلى الأوّل يكون مفهوم الوجود ذا مناشئ انتزاعٍ متعدّدةٍ بعدد أفراده.
وعلى الثاني تثبت وحدة حقيقة الوجود.
وعليه فتارةً يقال بأنّ هذه الحقيقة مختصّة باللَّه تعالى، وأنّ موجودية غيره بالانتساب إليه، لا بوجدانه للحقيقة نفسها، وهذا قول بوحدة الوجود وتعدّد الموجود.
واخرى يقال بأنّ تلك الحقيقة لا تختصّ بالواجب تعالى، بل كلّ الموجودات ذاقت طعمها، فهذا قول بوحدة الوجود والموجود.
وعليه: فتارةً يقال بفارقٍ بين الخالق والمخلوق في صقع الوجود، نظير الفارق بين المعنى الاسميّ والمعنى الحرفيّ في صقع الماهيات.
واخرى يرفض هذا الفارق، ويدَّعى أ نّه لا فرق بينهما إلّابالاعتبار واللحاظ؛ لأنّ الحقيقة إن لوحظت مطلقةً كانت هي الواجب، وإن لوحظت مقيّدةً كانت هي الممكن. والاحتمال الأخير في تسلسل هذه التشقيقات هو الموجب للكفر، دون الاحتمالات السابقة؛ لتحفّظها على المرتبة اللازمة من الثنائية.