فعدم وجدان شيءٍ من هذه اللوازم العادية عند ملاحظة التأريخ العامّ يشكّل عامل تشكيكٍ في مسألتنا.
النقطة الرابعة: أنّ اشتهار الاستدلال على نجاسة الكافر بالآية الكريمة بين الأصحاب، ووجود وجوهٍ اجتهاديةٍ لتقديم روايات النجاسة على روايات الطهارة- على ما يأتي- يوجب- على الأقلّ- احتمال استناد عددٍ كبيرٍ من المجمعين إلى مدركٍ اجتهاديٍّ في الفتوى بالنجاسة، فلا يكون كاشفاً مستقلّاً عن المقصود ما دام إجماعاً مدركياً.
ودعوى: أنّ الإجماع على نجاسة أهل الكتاب يجب أن يكون مستنداً إلى جهةٍ فوق الاجتهاد؛ لأنّ وضوح وجود الجمع العرفيّ بين روايات الطهارة وروايات النجاسة بحمل الأخيرة على التنزّه يكشف عن استناد المجمعين إلى جهةٍ فوق ذلك في طرح أخبار الطهارة مدفوعة: بأنّ صناعة الجمع العرفيّ، وكونه متقدّماً على سائر أنحاء التصرّف الاخرى- بما فيها الحمل على التقية- ليست بدرجةٍ من الوضوح في فقه جملةٍ من فقهائنا المتقدّمين، على النحو الذي لا يصحّ معه افتراض تطبيقهم للصناعة على وجهٍ آخر.
وفي كلماتهم شواهد عديدة على ذلك:
فمن هذه الشواهد في كلام الشيخ الطوسي قدس سره ما ذكره في مسألة نجاسة الخمر والمسكر، الذي وردت فيه أخبار صريحة في الطهارة، وأخبار تأمر بالغسل منه. إذ حمل أخبار الطهارة على التقية، مع أنّ العامة لا يقولون بالطهارة.
قال في كتاب التهذيب: «والذي يدلّ على أنّ هذه الأخبار محمولة على التقية: ما تقدم ذكره من الآية، وأنّ اللَّه تعالى أطلق اسم الرجاسة على الخمر، ولا يجوز أن يرد من جهتهم عليهم السلام ما يضادّ القرآن وينافيه. وأيضاً قد أوردنا من الأخبار ما يعارض هذه، ولا يمكن الجمع بينهما إلّابأن نحمل هذه على التقية؛