الروح الحيوانية وإن كانت بالنظر العقليّ الدقيق فيها شيء من الحياة، وبذلك يستفاد من هذه الطائفة ما يستفاد من الطائفة الثانية من الحكم بطهارة كلّ ما لا تحلّه الحياة من أجزاء الحيوان.
الثانية: ما دلّت على الطهارة بعنوانٍ كلّيٍّ ينطبق على ما ليس فيه روح ولا تحلّه الحياة من الأجزاء، من قبيل رواية الحلبيّ، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
«لا بأس بالصلاة في ما كان من صوف الميتة، إنّ الصوف ليس فيه روح»[1].
ودلالتها على القاعدة الكلّية واضحة. كما أنّ المقصود من الروح فيها الحياة الحيوانية، لا مجرّد النموّ ونحوه، كما هو واضح عرفاً، فيشمل كلّ جزء غير لحميٍّ من الحيوان؛ لأنّه ليس فيه روح: إمّا بالإطلاق اللفظيّ لو قيل بأنّ ما فيه الروح تعبير عرفيّ عن اللحم، أو بالإطلاق المقاميّ باعتبار أنّ العرف يفهم أنّ ما فيه الروح والحياة الحيوانية هو اللحم فقط، وقد أمضى ذلك في الرواية ولم ينبّه على خلافه.
ومن جملة روايات هذه الطائفة أيضاً: صحيحة حريز، قال: قال أبو عبد اللَّه عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم: «اللبن، واللباء، والبيضة، والشَعر، والصوف، والقرن، والناب، والحافر، وكلّ شيءٍ يفصل من الشاة والدابّة فهو ذكيّ، وإن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصلِّ فيه»[2].
فإنّها تدلّ على طهارة عنوانٍ كلّيٍّ هو: «كلّ ما يفصل عن الدابّة»، أي ما يعتاد فصله عنه خارجاً، أو ما يكون من شأنه ذلك، كنايةً عن كلّ ما كان عاريةً في جسم الحيوان بحسب الفهم العرفي، وهو ضابط قريب عرفاً مع عنوان
[1] وسائل الشيعة 3: 513، الباب 68 من أبواب النجاسات، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 24: 180، الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 3