بهذا المقدار.
وهكذايكون للتعليل دلالتان:
إحداهما: الدلالة على دخل العلّة وجوداً في شخص الحكم المعلّل.
والاخرى: الدلالة على دخل العلّة عدماً في سنخ الحكم المعلّل، بمعنى أنّ بعض صور انتفاء العلّة على الأقلّ لا يكون سنخ الحكم المعلّل ثابتاً فيها.
وعلى هذا الضوء يكون تعليل الحكم بالطهارة بالحالة السابقة في مثل رواية عبد اللَّه بن سنان دالًاّ على دخلها في شخص الحكم المجعول في تلك الروايات، وبذلك يثبت أنّ الحكم المجعول فيها هو الاستصحاب، وعلى أنّ سنخ ذلك الحكم غير ثابتٍ في جميع الموارد التي لا تكون الطهارة فيها حالةً سابقةً بنحو سلب العموم، لا عموم السلب. ومن الواضح أ نّه في مقابل فرض الطهارة حالة سابقة فرضان: أحدهما: فرض النجاسة حالةً سابقة. والآخر: فرض عدم الحالة السابقة رأساً.
ويكفي لإعطاء التعليل حقّه من المفهوم بنحوٍ يصدق سلب العموم أن لا يكون الحكم بالطهارة ثابتاً في الفرض الأوّل من هذين الفرضين، فهو نظير ماإذا قيل: «أكرم زيداً لأنّه عالم» وفرضنا قيام دليلٍ على أ نّه يجب إكرامه إذا كان عادلًا أيضاً، فإنّه يكفي لإعطاء التعليل حقّه من المفهوم أن يكون وجوب الإكرام منفيّاً ولو في بعض حالات عدم العلم، وهي حالة عدم العلم مع الفسق، فكذلك في المقام.
فإن قيل: فرق بين محلّ الكلام والمثال، وهو: أنّ فرض علّةٍ اخرى لسنخ الحكم المعلّل لا ينافي التعليل إذا كانت في عرض العلّة المذكورة في دليل الحكم المعلّل، كالعدالة مع العلم.
وأمّا إذا كانت العلّة الاخرى المفروضة جامعاً أوسع من العلّة المذكورة في