لاحتمال أن يكون المراد الاستعماليّ بالمجمل معنىً يعارض به المفصّل، وأن يكون ذلك من باب التقية، إذ ينحصر الدافع لهذا الاحتمال في أصالة الجهة، وقد عرفت حالها.
وهكذا تتّضح نظرية كاملة لقرينيّة المفصّل الثابت على المجمل، حاصلها:
أنّ الدليل المجمل إن كان مفاده الجامع فيمكن تعيينه في أحد الفردين بضمّ المفصّل النافي للفرد الآخر. وإن كان مفاد المجمل أحد الأمرين بالخصوص فكذلك يمكن تعيين مفاد المجمل على ضوء المفصّل إذا كانت الجهة في المجمل قطعية، أو كان للمجمل نظر تسليميّ إلى المفصّل، كما لو كانا مجموعَين في كلامٍ واحدٍ ومعطوفَين أحدهما على الآخر.
وأمّا إذا كانت الجهة محتاجةً إلى أصالة الجهة ولم يكن هناك نظر تسليميّ فيشكل تعيين مفاد المجمل وتشخيصه فيما لا يعارض المفصّل.
هذا هو الكلام في المرحلة الاولى، وعلى ضوئه تعرف أنّ الخطابين المفترضَين في تحديد الكرِّ لو كان أحدهما مجملًا والآخر مفصّلًا لأشكل تعيين المجمل بالمفصّل إذا كانت الجهة غير قطعية، فضلًا عمّا لو كانا معاً مجملين.
فلوورد: «الكرّ ستمائة رطل» وورد: «الكرّ ستمائة رطلٍ عراقيٍّ» فالثاني مفصّل والأوّل مجمل، كإجمال «أكرم زيداً»، ومن المحتمل أن يراد بالرطل فيه:
الرطل المدنيّ أو المكّي.
ولا دافع لذلك إلّاأصالة الجهة، إذ يلزم من حمل الرطل على المكّي أو المدنيّ في المجمل كون أحد الخطابين تقيةً، وهو خلاف أصالة الجهة. فإن أمكن تعيين المراد الاستعماليّ بأصالة الجهة تعيّن مفاد المجمل في الرطل العراقي، وإلّا فلا نافي لاحتمال إرادة الرطل غير العراقيّ في المجمل.
هذا إذا كان احتمال التقية موجوداً.