إطلاق المفهوم في صحيحة زرارة.
بل يمكن أن يقال: إنّا حتّى إذا انطلقنا في فهم رواية أبي بصير من وجهة نظر السيّد الاستاذ- دام ظلّه- وتمّ لدينا على هذا الأساس الدليل على انفعال الماء القليل بالمتنجّس الأوّل- حتّى مع هذا- تصلح رواية أبي بصير للدلالة بالإطلاق على عدم انفعال الماء القليل بالمتنجّس الثاني، وتصلح للمعارضة مع إطلاق رواية زرارة.
فإنّ السيّد الاستاذ[1] يقول: بأنّ المقصود من «قذر بولٍ أو جنابة»: القذارة الناشئة من البول والجنابة، وعلى هذا الأساس ذكر: أ نّها محفوظة حتّى بعد زوال عين البول أو المنيّ، وهذا لو سلِّم فمن الواضح أ نّه لا ينطبق على القذارة الناشئة من ملاقاة ملاقي البول أو المنيّ، بل يختصّ بالقذارة الناشئة من ملاقاة نفس البول والمنيّ.
فقوله عليه السلام: «إن أدخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها فلا بأس، إلّاأن يكون أصابها قذر بولٍ أو جنابة، فإن أدخلت يدك في الماء وفيها شيء من ذلك فأهرِق ذلك الماء» يدلّ منطوقاً- من وجهة نظر السيّد الاستاذ- على أنّ الماء ينفعل بملاقاة اليد التي أصابها المنيّ، سواء بقي عليها أم لا.
ويدلّ مفهوماً على أنّ يد الجنب إذا لم يكن أصابها المنيّ فلا ينجس الماء بها، وهذا مطلق يشمل صورة ما إذا كانت يد الجنب قد لاقت مع الثوب المتنجّس بالمنيّ أيضاً، وهي صورة اعتيادية بالنسبة إلى الجنب يشملها الإطلاق جزماً.
والشيء نفسه يقال في رواية سماعة: «إذا أصاب الرجل جنابة فأدخل يده في الإناء فلا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء من المنيّ»[2]، فإنّها تشترط في
[1] التنقيح 1: 175
[2] وسائل الشيعة 1: 153، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 9