ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين المتنجّس الأوّل والثاني.
ولكن يمكن أن يناقش في ذلك: بأنّ الإمام عليه السلام حينما غمس كفّه في الماء وقال: «هكذا إذا كانت الكفّ طاهرةً» غاية ما يدلّ عليه كلامه هذا: أ نّه إذا لمتكن الكفّ طاهرةً فليس هكذا. أمّا ما هو هذا المشار اليه الذي ينتفي بانتفاء طهارة اليد فلا يتّضح من الكلام. فلعلّه الابتداء بالوضوء؛ لأنّ الإمام عليه السلام غمس كفّه في الماء مبتدئاً بذلك عملية الوضوء، ومن الواضح أنّ الكفّ إذا لم تكن طاهرةً فلا يمكن الابتداء بعملية الوضوء إلّا بعد تطهيرها؛ لأنّ طهارة محالّ الوضوء شرط في صحته.
فكما يمكن أن يكون نظره إلى أنّ الكف إذا لم تكن طاهرةً فلا ينبغي إدخالها في الماء لأنّه ينفعل بها كذلك يمكن أن يكون نظره إلى أنّ الكف إذا لمتكن طاهرةً فلا ينبغي الابتداء بالوضوء، بل لا بدّ من تطهيرها قبل ذلك.
وإن شئتم قلتم: إنّ الإمام عليه السلام بإدخال كفّه في الماء حقّق أمرين: ملاقاة يده للماء، والبدء بعملية الوضوء، حيث إنّه أدخل يده ليغترف ماء الوضوء، وماهو معلّق على طهارة الكفّ: إن كان هو الإدخال بلحاظ الأمر الأوّل دلّ على انفعال الماء بملاقاة اليد غير الطاهرة. وإن كان هو الإدخال بلحاظ الأمر الثاني وبما هو بَدْء بعملية الوضوء دلّ على أنّ من كانت كفّه غير طاهرةٍ فلا يبدأ بالوضوء، وهذا واضح؛ لأنّ عليه تطهيرها قبل ذلك.
وعلى أيِّ حالٍ فإن تمّت دلالة الرواية على انفعال الماء القليل بالكفّ غيرالطاهرة وقعت طرفاً للمعارضة مع ما أشرنا إليه في التفصيل السابق، ممّا يدلّ على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس مطلقاً.
فرواية أبي بصير- مثلًا التي تقدّم منّا الاستدلال بها على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس الأوّل، فضلًا عن الثاني- تكون طرفاً للمعارضة مع