الثاني: ما ورد من الحكم بنجاسة الماء إذا أدخل الجنب يده فيه وهي قذرة[1]، بدعوى: أنّ القذارة في نظر الشارع كما تثبت لليد الملاقية للنجس ابتداءً كذلك تثبت لليد الملاقية للمتنجّس، فهي في الحالين قذرة ونجسة شرعاً فيشملها الإطلاق.
ويمكن الرد على هذه الدعوى بإبداء الجزم، أو احتمال ظهور القذارة في الفرد العينيّ الحقيقي وانصرافها إليه في مقابل الفرد الاعتباريّ التنزيلي، ومعه لا يكون لعنوان اليد القذرة إطلاق يشمل ما هو محلّ الكلام.
الثالث: صحيحة زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا أحكي لكم وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟ فقلنا: بلى، فدعا بقعبٍ فيه شيء من ماءٍ فوضعه بين يديه، ثمّ حسر عن ذراعيه، ثمّ غمس فيه كفّه اليمنى، ثمّ قال: «هكذا إذا كانت الكفّ طاهرة …»[2].
وتقريب الاستدلال بها: أنّ قوله الأخير يدلّ بمفهوم الشرط على أ نّه إذا لمتكن طاهرةً فلا يدخلها في الماء، حيث إنّه يقع محذور، ولاشكّ أنّ المنسبق عرفاً- بلحاظ مناسبات الحكم والموضوع، وارتكازية سراية النجاسة بالملاقاة في الجملة- أنّ المحذور هو نجاسة الماء وانفعاله، لا محذور آخر تعبّديّ غيرعرفي، من قبيل صيرورة الماء ماء غسالة، حيث تطهر اليد غير الطاهرة بإدخالها في ذلك الماء فيصبح الماء غسالة.
وهكذا تدلّ الرواية بالمفهوم على أنّ الماء ينفعل بملاقاة اليد غير الطاهرة،
[1] كما في رواية أبي بصير، وسائل الشيعة 1: 152، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 4
[2] وسائل الشيعة 1: 387، الباب 15 من أبواب الوضوء، الحديث 2