وما يقال في التخلّص من هذا التفصيل وإثبات التسوية بين المتنجّس الأوّل والثاني في التنجيس عدّة امور:
الأوّل: التعليل الوارد في بعض روايات نجاسة سؤر الكلب بأ نّه نجس، حيث يستفاد من ذلك إعطاء ضابطةٍ كلّيةٍ، وهي: أنّ نجاسة الشيء تكفي لنجاسة الماء الذي يلاقيه، وقد جاء هذا التعليل في رواية البقباق[1]، ورواية معاوية بن شريح[2].
ويرد عليه: أ نّه لم يتّضح من الروايتين أنّ الإمام عليه السلام كان في مقام تعليل سراية النجاسة إلى الماء بنجاسة الكلب حتّى يتعدّى إلى كلّ نجسٍ يلاقي الماء، ولم يكن المقام يناسب ذلك، إذ لم يُشعِر الراوي بأ نّه كان مستشكلًا في سراية النجاسة من النجس إلى ملاقيه، وإنّما كان مستشكلًا في أصل نجاسة الكلب.
فالبقباق سأل عن فَضْل الكلب في سياق سؤاله عن فَضْل عددٍ كبير من الحيوانات في مقام التعرّف على طهارتها ونجاستها بهذا اللسان.
كما أنّ عذافر- في رواية معاوية بن شريح- كان يخيَّل إليه أنّ الكلب حكمه حكم سائر السباع من حيث الطهارة. فالنظر إذن منصبّ على استيضاح حكم الكلب الذي كانت نجاسته محلّ الإشكال، نتيجةً لفتوى فقهاءٍ من العامّة بطهارته.
فلا يستفاد من حكم الإمام عليه السلام بأ نّه رجس أو نجس أ نّه في مقام إعطاء ضابطةٍ كلّيةٍ للسريان ليتمسّك بها لإثبات انفعال الماء بالمتنجّس مطلقاً لو سلّم انطباق عنوان الرجس والنجس على المتنجّس بمراتبه المختلفة.
[1] وسائل الشيعة 1: 226، الباب 2 من أبواب الأسآر، الحديث 4
[2] المصدر السابق: الحديث 6