فيلاحظ.
ومنها: خبر محمّد بن ميسر، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه، وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان؟ قال: «يضع يده، ثم يتوضأ، ثم يغتسل، هذا مما قال اللَّه عزوجل: «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»»[1].
والاستدلال بهذا الخبر وتمييزه عن المطلقات السابقة- من قبيل رواية حريزٍ- مبنيّ على أن يكون القليل المأخوذ قيداً في كلام السائل بالمعنى المقابل للكثير العرفيّ، فيكون الخبر وارداً في الماء القليل بالمعنى المبحوث عنه، ولا مجال لتقييده بأدلّة الانفعال.
ولكنّ حمل القليل على هذا المعنى بلا موجبٍ، كما أشار إليه السيّد قدس سره في المستمسك[2]، بل لعلّه بمعنى القليل العرفيّ الصادق على ما لا يمكن الارتماس فيه ولو كان كرّاً، فيقبل التقييد بأدلّة الانفعال.
ولا فرق في تسجيل هذه المناقشة في الاستدلال بين أن نفترض أنّ نظر السائل إلى احتمال محذور انفعال الماء بملاقاة النجاسة، أو إلى احتمال نجاسة الماء بوصفه ماءً مستعملًا، كما احتمل ذلك في التنقيح[3]؛ نظراً إلى أنّ جماعةً من فقهاء العامة[4] أفتوا بأنّ الماء المستعمل نجس مالم يبلغ عشرة أشبارٍ في عشرة
[1] وسائل الشيعة 1: 152، الباب 8 من أبواب الماء المطلق، الحديث 5
[2] مستمسك العروة الوثقى 1: 144
[3] التنقيح 1: 158
[4] راجع الفقه على المذاهب الأربعة 1: 38 والمغني 1: 26، وفيهما بدل« أشبار»:« أذرع»