وتقريب الاستدلال بها كما عن السيّد الاستاذ[1] دام ظلّه: أنّ شعر الخنزير نجس، والغالب تقاطر الماء من الحبل على الماء الموجود في الدلو، فلو كان القليل ينفعل بملاقاة النجس لتنجّس ماء الدلو، فَحُكْمُ الإمام عليه السلام بجواز الوضوء من ماء الدلو دليل على عدم انفعال الماء القليل.
وقد اعترض- دام ظلّه- على ذلك بأربع اعتراضات:
الأوّل: أنّ هذه الرواية ساقطة عن الحجّية؛ لأنّ دليل انفعال الماء القليل قطعيّ السند، نتيجةً لاستفاضة روايات الانفعال، فتكون هذه الرواية معارضةً للسنّة القطعية، وهذا يسبّب سقوطها.
الثاني: أنّ من الجائز أن لا يكون الحبل المتّخذ من شعر الخنزير متّصلًا بالدلو على نحوٍ يصل اليه الماء ويتقاطر منه على الدلو، وإنّما سأل الراوي لاحتمال بطلان الوضوء بذلك الماء، لا من أجل نجاسته، بل من أجل أنّ الوضوء أمر عباديّ وقد تختّل عباديّته باستقاءٍ له بنجس العين، إذ قد يكون استعمال نجس العين حراماً.
الثالث: أنّ دلالة الرواية على عدم انفعال القليل بالإطلاق؛ لأنّ ماء الدلو قد يكون قليلًا، وقد يكون كرّاً، فيقيّد بأدلّة الانفعال.
الرابع: أنّ الرواية لعلّها ناظرة إلى طهارة شعر الخنزير، وعليه فيتعيّن حملها على التقية؛ لذهاب جماعةٍ من العامّة[2] إلى عدم نجاسة شعر الخنزير والكلب.
والتحقيق: أنّ هذه الاعتراضات الأربعة لا يمكننا التسليم بأيّ واحدٍ منها بالصيغة التي نقلناها.
[1] التنقيح 1: 161- 162
[2] انظر الحاوي الكبير 1: 304، 315. المحلّى 1: 109. ومغني المحتاج 1: 78