وتقريب الاستدلال بها: أ نّها تُنَزِّل ماء الحمّام منزلة الماء الجاري، وحيث إنّنا نعلم من الخارج بأنّ ماء الحمّام معتصم فلابدّ أن يكون الماء الجاري معتصماً ليصحّ التنزيل.
وقد استشكل في ذلك: تارةً بما في المستمسك[1] وغيره من: أنّ وجه التنزيل في الرواية غير معلوم، فلعلّه أمر آخر غير الاعتصام.
واخرى: بأنّ التنزيل إذا كان بلحاظ الاعتصام فلابدّ من الالتزام بأنّ اعتصام الماء الجاري على حدّ اعتصام ماء الحمّام، وحيث إنّ عصمة ماء الحمّام منوطة بالكرّية فيكون الأمر في الجاري كذلك، ولا أقلّ من عدم دلالة الرواية على اعتصام الجاري إلّافي حالة كونه كرّاً.
والجواب على الإشكال الأوّل: بأنّ الارتكازات العرفية تعيّن الجهة المسؤول عنها فى قوله: «ما تقول في ماء الحمّام»؛ لأنّ ارتكازية كبرى انفعال الماء بملاقاة النجاسة، وكون الطهارة والنجاسة هي أهمّ الآثار الشرعية الملحوظة في ماء الحمام، وأقربها إلى الذهن العرفيّ المتشرّعي تكون منشأً لانسباق الحيثية المسؤول عنها إلى الذهن وكونها حيثية الاعتصام، ويتعيّن حينئذٍ حمل التنزيل على انّه بلحاظ الاعتصام، فتكون الرواية ظاهرةً في النظر إلى الاعتصام بلا حاجةٍ إلى الاستشهاد لذلك برواياتٍ اخرى.
كما ورد في التنقيح[2]، إذ جاء فيه: أنّ تشبيه ماء الحمّام بالجاري موجود في غير رواية داود بن سرحان من الأخبار أيضاً، والمستفاد منها: أنّ التشبيه إنّما هو من حيث الاعتصام.
[1] مستمسك العروة الوثقى 1: 132
[2] التنقيح 1: 121