المِركَن معناه ملء المِركَن بالماء وغسل الثوب به، فيشمل المِركَن الكبير والصغير.
وإمّا بدعوى: أنّ الغسل في المِركَن يحمل على المثال لما يجب فيه التعدّد، وهو غير الجاري من المياه بمقتضى مفهوم قوله: «وإن غسلته في ماءٍ جارٍ فمرّة»، فيشمل الكثير والقليل.
وإمّا بدعوى: التمسّك بإطلاق «اغسل من أبوال ما لا يؤكل لحمه مرّتين»[1]؛ لأنّ المتيقّن خروجه من الإطلاق هو الماء الجاري بمقتضى صحيحة محمّد بن مسلم، وأمّا الراكد الكرّ فيبقى تحت الإطلاق.
فإذا ثبت بأحد هذه البيانات أنّ الثوب المتنجّس لا يطهر بالراكد الكرّ إلّاإذا غسل به مرّتين ويطهر بالماء الجاري إذا غسل به مرّةً واحدةً فيقال: إنَّ نفس الدليل الدالّ على كفاية المرّة الواحدة في الجاري يدلّ بالالتزام العرفيّ على أنّ الماء الجاري ليس أقلّ طهارةً وعصمةً من المياه التي يحتاج فيها تطهير الثوب إلى التعدّد: لأنّ العرف يرى قوّة المطهّرية من شؤون قوّة طهارة الشيء وعصمته في نفسه.
وهذا يعني: أنّ الصحيحة الدالّة بالمطابقة على كفاية المرّة في الجاري تدلّ بالالتزام على أ نّه لا يمكن أن يكون الكرّ الراكد أقوى منه عصمةً وطهارةً إذا كان التطهير به محتاجاً إلى التعدّد، فما دام الكرّ الراكد معتصماً بدليله- رغم احتياج التطهير به إلى التعدّد في الثوب- فالماء الجاري الذي لا يحتاج التطهير به إلى التعدّد أولى بالاعتصام.
ومنها: رواية داود بن سرحان، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما تقول في ماء الحمّام؟ فقال: «هو بمنزلة الماء الجاري»[2].
[1] راجع وسائل الشيعة 3: 395، الباب 1 من أبواب النجاسات
[2] وسائل الشيعة 1: 148، الباب 7 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1