مطابقتها للواقع، والمقام من هذا القبيل.
الثالث: أن يقال بعد استظهار كون الغسل بالجاري على نحوٍ يرد فيه الثوب على الماء الجاري: إنّ الماء الجاري في هذه الحالة يعتبر ماء غُسالةٍ تتعقّبها طهارة المحلّ؛ لأنّنا بغمس الثوب فيه وإخراجه منه نطهّر الثوب، فإذا بنينا على الارتكازات التي أفادها السيّد الاستاذ[1]– دام ظلّه- واستند إليها في إثبات طهارة الغُسالة التي تتعقّبها طهارة المحلّ أمكن الاستناد إليها في المقام أيضاً.
فكما يقال هناك عند صبّ الماء في الغسلة الأخيرة على المتنجِّس: «إنّ الماء لا ينجس رغم ملاقاته للنجس»- لأنّه إن كان ينجس بعد الانفصال فهو غريب، وإن كان ينجس بالملاقاة ومع هذا يطهر المحلّ فهو غريب أيضاً- كذلك يقال هنا: «إنّ الماء الجاري لا ينجس عند ورود الثوب النجس فيه»؛ لأنّه: إن كان ينجس بعد أخذ الثوب منه فهو غريب، وإن كان ينجس بمجرّد الملاقاة ومع هذا يطهر الثوب فهو غريب أيضاً، ويثبت بذلك عدم انفعال الماء الجاري.
ولكنّ من يبني على الفرق بين الغُسالة وغيرها في الماء القليل لا يمكنه أن يثبت بهذا الوجه في المقام عدم انفعال الماء الجاري مطلقاً، إذ لعلّه من هذه الناحية كالماء القليل.
والصحيح: هو أنّ أصل الارتكازات التّي على أساسها يبنى الحكم بطهارة الغسالة التي تتعقّبها طهارة المحلّ محلّ إشكالٍ، على ما يأتي تحقيقه في بحث الغسالة إن شاء اللَّه تعالى[2].
الرابع: وهو مبنيّ على أن نستفيد من الدليل أنّ غسل الثوب المتنجّس بالماء الراكد الكرّ يعتبر فيه التعدّد، كالراكد القليل إمّا بدعوى: أنّ الغسل في
[1] انظر التنقيح 1: 370- 380
[2] الجزء الثاني: 182- 185