السكوت المطلق غير ثابت؛ لوجود عمومات الانفعال.
وإن كان ذلك بلحاظ أنّ الإمام عليه السلام في تلك الرواية في مقام البيان من سائر الجهات فسكوته في شخص تلك الرواية كافٍ لنفي الانفعال.
ففيه: أنّ الإمام في تلك الرواية حاله حال أيّ متكلّمٍ يكون الأصل العقلائيّ فيه أ نّه في مقام البيان من ناحية مدلول كلامه، لا من ناحية شيءٍ آخر، ومدلول كلامه في شخص تلك الرواية هو مطهّرية الجاري، فلو شكّ في إطلاقها وتقييدها أمكن التمسّك بالإطلاق؛ لأنّ الأصل كونه في مقام بيان المطهّرية وحدودها. وأمّا حال الماء الجاري بعد التطهير فلا يوجد أصل عقلائيّ يقتضي كونه في مقام بيانه.
وإن كان ذلك بلحاظ وجود قرينةٍ على أنّ المتكلّم في مقام بيان حال الماء الجاري بعد التطهير أيضاً- وإن لم يكن ذلك مدلولًا لكلامه مباشرة- بتقريب: أنّ بيان مطهّرية الماء الجاري لما يرد عليه من المتنجّس مع السكوت عن حال الماء بعد التطهير مظنّة لغفلة السامع وتخيّله عدم نشوء محذورٍ من ناحية ورود المتنجّس على الماء الجاري، فكون هذا البيان مظنّةً لذلك يقتضي- عرفاً- التنبيه على المحذور لو كان، فمع عدم التنبيه يستكشف عدم المحذور، نظير ما ذكره في الكفاية[1] لنفي اعتبار قصد الوجه من التمسّك بالإطلاق المقاميّ بناءً على عدم إمكان التمسّك بالإطلاق اللفظيّ للخطاب، لأنّ كون قصد الوجه مَعْرَضاً للغفلة نوعاً يوجب التنبيه على دخله.
فيرد على ذلك: أنّ هذا إنّما يتمّ في فرض غفلةٍ نوعيةٍ بحيث توجب ترقّب البيان ولزومه عرفاً لرفعها، فيستكشف من عدمه مطابقة الغفلة للواقع. وأمّا إذا كانت الغفلة شخصيةً فلا يوجد لزوم عرفيّ لرفعها فلا يكشف عدم البيان عن
[1] كفاية الاصول: 97- 98