محمّد بن مسلم دائر بين التخصّص والمعارضة، إذ لو كان الماء الجاري معتصماً فهو خارج- تخصّصاً- عن موضوع تلك الروايات؛ لأنّ المفروض أنّ موضوعها غير المعتصم. وإذا لم نقل باعتصام الماء الجاري بعنوانه تقع المعارضة بالعموم من وجه؛ لأنّ صحيح محمّد بن مسلم- المجوّز لورود المتنجّس على الماء الجاري- مطلق من حيث كون الجاري بالغاً حدّ الكرّية، أو لا، وروايات الأمر بالصبّ الملزمة بورود الماء غير المعتصم على المتنجّس مطلقة من حيث كونه جارياً وذامادّة، أوْ لا. فالتعارض بنحو العموم من وجه.
وهذا معناه أنّ صحيح محمّد بن مسلم: إمّا معارض لروايات الأمر بالصبّ، وإمّا مساوق للتخصّص، وهو من قبيل دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص.
فإن بنينا في أمثال ذلك على تعيين التخصّص بمقتضى أصالة عدم التخصيص، أو أصالة عدم المعارض تمّ الاستدلال بصحيح محمّد بن مسلم- مع ضمّه إلى الروايات الآمرة بالصبّ- على اعتصام الماء الجاري.
وإذا لم نبنِ على ذلك- كما هو محقّق في محلّه- فلا موجب للالتزام بالتخصّص، بل يبقى احتمال أن يكون الماء الجاري- رغم عدم اعتصامه- مطهّراً ولو بورود المتنجّس عليه، خلافاً لدليل اشتراط ورود الماء على المتنجّس في غير المعتصم.
الثاني: أنّ الرواية سكتت عن بيان انفعال الماء الجاري بملاقاة النجس، ومقتضى الإطلاق السكوتيّ والمقاميّ عدم الانفعال، وإلّا لكان على الإمام البيان.
ويرد عليه: أنّ كون الإمام عليه السلام عليه بيان الانفعال لو كان الماء الجاري ينفعل: إن كان بوصفه إماماً مسؤولًا عن تبليغ الأحكام فهذا صحيح، إلّاأنّ سكوته الكاشف عن عدم الانفعال حينئذٍ هو سكوته بما هو إمام، أي سكوته المطلق، لا سكوته في شخص ذلك الخطاب المنقول في صحيح ابن مسلم، وهذا