وهذا يعني: أنّ الشيخ لم يبدأ في نقل الرواية ب «الحسين بن سعيد» ليؤخذ طريقه إليه من المشيخة والفهرست، بل صرّح بطريقه المشتمل على أحمد بن محمّد بن الحسن، وهو غير موثّق.

وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ هذا إشكال مطّرد في كثيرٍ من روايات الطهارة من كتاب التهذيب، فإن بنينا على أنّ ذلك لا يمنع من الرجوع إلى الطرق الصحيحة التي للشيخ إلى الحسين بن سعيد وأنّ تصدّي الشيخ إلى ذكر طريقٍ بعينه كان بقصد الاستيفاء والتوسّع، ولم يكن بنكتة التنبيه على‏ أنّ الرواية غير مأخوذةٍ من كتب الحسين بن سعيد، وأ نّها مستثناة من طرق المشيخة والفهرست الاخرى، فيتمّ الاستدلال بالرواية، وإلّاسقطت الروايةعن الحجّيّة؛ لاشتمال سندها على مَنْ لم‏يثبت توثيقه.

ومنها: ماورد في تطهير الثوب المتنجّس بالبول، كصحيح محمّد بن مسلم، حيث أمر بغسله في المركن مرّتين، وفي الماء الجاري مرّةً واحدة[1].

والاستدلال بذلك يمكن تقريبه بوجوه:

الأوّل: أنّ الرواية فرضت ورود المتنجّس على الماء الجاري بقرينة كلمة «في الماء الجاري»، وإذا ضممنا إلى ذلك الدليل الدالّ على اشتراط ورود الماء على المتنجّس عند التطهير بغير المعتصم نستكشف اعتصام الماء الجاري بنحوٍ نقيّد به عمومات الانفعال.

والصحيح: أنّ المقام من موارد دوران الأمر بين المعارضة والتخصص؛ لأ نّه لو سلّم وجود دليلٍ على اعتبار ورود الماء على المتنجّس في غير المعتصم من قبيل الروايات الآمرة بصبّ الماء[2]– مثلًا- فأمر هذه الروايات مع صحيح‏

 

[1] وسائل الشيعة 3: 397، الباب 2 من أبواب النجاسات، الحديث 1

[2] وسائل الشيعة 3: 395، الباب 1 من أبواب النجاسات، الأحاديث 3 و 4 و 7