وعليه فيتمّ التمسّك بإطلاق جواب الإمام بملاك ترك الاستفصال لإثبات نفي البأس على كلا التقديرين المحتملين في السؤال.
قلنا: قد يأتي أحياناً احتمال أنّ المجيب قد استطاع أن يعيّن غرض السائل لا بقرينةٍ متّصلةٍ ولا بعلم غيبيٍّ، بل بقرائن منفصلةٍ أوجبت أن ينسبق إلى ذهنه من السؤال معنىً خاصّ فأجاب طبقاً له، وهذا كثيراً ما يتّفق للإنسان العرفي.
ولا دافع لهذا الاحتمال؛ لأنّ الراوي غير ملزمٍ بنقل القرائن المنفصلة.
نعم، إذا كان لكلام السائل ظهور عرفيّ فعليّ في الاستفهام عن مطلبٍ فنفس أصالة الظهور تنفي وجود قرينةٍ منفصلةٍ على معنىً مخالفٍ لظاهر اللفظ، وبذلك ينفى احتمال اعتماد المجيب على قرينةٍ منفصلةٍ في فهم كلام السائل.
وأمّا حيث يكون كلام السائل مجملًا فلا نافي لاحتمال القرينة المنفصلة، ومعه يكون احتمال اعتماد المجيب عليها قائماً، فلا ينعقد إطلاق في الجواب بملاك ترك الاستفصال.
هذا كلّه في رواية سماعة من حيث الدلالة.
وأمّا من ناحية السند فلا تخلو من إشكالٍ: تارةً بلحاظ ورود عثمان بن عيسى في سندها، الذي أرى أنّ أهمّ مستندٍ لتوثيقه رواية أحد الثلاثة عنه.
واخرى بلحاظ أنّ الشيخ صرّح في كتابي التهذيب والاستبصار بطريقه، فرواها في الاستبصار عن الشيخ المفيد، عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة[1]. وورد نفس السند في التهذيب مع شيءٍ من الفرق[2].
[1] الاستبصار 1: 13، الحديث 21
[2] تهذيب الأحكام 1: 34، الحديث 89