إنسان عرفيّ- لا بما هو علّام الغيوب- يكون السؤال مجملًا بالنسبة إليه أيضاً، فلا يعرف أنّ السائل هل يسأل عن حكم الماء المبال فيه- مثلًا- أو عن حكم البول في الماء. وفي هذه الحالة إذا أجاب بنفي البأس أمكن التمسّك بالإطلاق الناشئ من ترك الاستفصال، لإثبات أن كلًاّ منهما لا بأس به، إذ لو كان الماء المبال فيه مورداً للبأس وكان التبوّل في الماء مورداً لنفي البأس لما صحّ الجواب بنفي البأس بدون تفصيلٍ ما دام السؤال مجملًا لدى‏ المجيب، وما دام المجيب بما هو إنسان عرفيّ يحتمل أنّ السائل يسأل عن حكم المبال فيه.
وبهذا تتحقق ضابطة كلّية لسريان الإجمال من السؤال إلى‏ الجواب إثباتاً ونفياً.
ولكن قد يقال: إنّ السؤال في النحو الثاني وإن كان مجملًا عرفاً ولكنّ المجيب من المحتمل أن يكون قد استطاع التعرّف على غرض السائل- رغم إجمال السؤال- فأجاب بلحاظه، فيكون الجواب مجملًا أيضاً.
فإن قيل: إنّ تعرّف المجيب على غرض السائل ومورد سؤاله: إمّا أن يكون عن طريق الظهور العرفيّ لصيغة السؤال التي نقلها الراوي إلينا، وإمّا أن يكون عن طريق العلم الغيبيّ، وإمّا أن يكون عن طريق قرائن مكتنفةٍ لم تنقل إلينا في الرواية. والكلّ منفيّ.
أمّا الأوّل فلأنّ المفروض عدم الظهور العرفي.
وأمّا الثاني فلأنّ المجيب يتعامل في مقام التفهيم والتفهّم بما هو إنسان عرفي، ولا يدخل علمه الغيبيّ في ذلك، وإلّا لانسدّ باب الاستدلال بالإطلاق وترك الاستفصال في جميع الموارد.
وأمّا الثالث فلأنّ احتمال القرينة منفيّ على أساس عدم نقل الراوي لها، ولوانفتح احتمال وجود قرائن محذوفةٍ من الراوي لسرى الإجمال إلى سائر الروايات.