ويظهر الأثر العمليّ بين هذين الوجهين بلحاظ الجملة الثانية، وهي قوله:
«وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه»؛ لأنّ المدلول الاستعماليّ للجملة الثانية ليس ناظراً إلّاإلى إسراء المدلول الاستعماليّ للجملة الاولى إلى مورد الدم وأشباهه.
فإذا بنينا على التصرّف بالوجه الأوّل في الجملة الاولى فهذا يعني التحفّظ على مدلولها الاستعماليّ الأولي، وهو النجاسة والبطلان، ويكون المدلول الاستعماليّ للجملة الثانية إسراء تلك النجاسة والبطلان إلى مورد الدم وأشباهه، ومقتضى أصالة الجدّ جِدّية كلا المدلولين الاستعمالييّن، فإذا علم بعدم جِدِّية أحدهما فلا موجب- مثلًا- لرفع اليد عن أصالة الجدِّ في الآخر.
وأمّا إذا بنينا على التصرّف بالوجه الثاني في الجملة الاولى بجعل دليل طهارة أبوال الدوابّ قرينةً على أنّ مدلولها الاستعماليّ مرتبة تنزّهية من النجاسة فيكون مفاد الجملة الثانية إثبات نفس تلك المرتبة في مورد الدم وأشباهه، كما هو مقتضى قوله: «وكذلك» المتكفّل لإسراء المدلول الاستعماليّ للجملة الاولى إلى مورد الدم وأشباهه، فلا يمكن الاستدلال بالرواية حينئذٍ على المطلوب في المقام.
ويمكن التعويض عن رواية أبي بصير برواياتٍ اخرى، من قبيل رواية عبداللَّه بن سنان، قال: سأل رجل أبا عبد اللَّه عليه السلام- وأنا حاضر- عن غديرٍ أتوه وفيه جيفة، فقال: «إن كان الماء قاهراً ولا توجد منه الريح فتوضّأ»[1].
ورواية زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا كان الماء أكثر من رَاويةٍ لمينجّسه شيء، تفسّخ فيه أو لم يتفسّخ، إلّاأن يجيء له ريح تغلب على ريح
[1] وسائل الشيعة 1: 141، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 11