إرجاع جميع التصوّرات والأفكار إلى الحسّ. وقد شاعت هذه النظرية بعد ذلك بين فلاسفة اوروبا، وقضت إلى حدّ ما على نظرية الأفكار الفطرية، وانساق معها جملة من الفلاسفة إلى أبعد حدودها حتّى انتهت إلى فلسفات خطرة جدّاً، كفلسفة (باركلي) و (دافيد هيوم) كما سوف نتبيّن ذلك إن شاء اللَّه تعالى[1].
والماركسية تبنّت هذه النظرية في تعليل الإدراك البشري؛ تمشّياً مع رأيها في الشعور البشري، وأ نّه انعكاس للواقع الموضوعي؛ فكلّ إدراك يرجع إلى انعكاس لواقع معيّن، ويحصل هذا الانعكاس عن طريق الإحساس. وما يخرج عن حدود الانعكاسات الحسّية لا يمكن أن يتعلّق به الإدراك أو الفكر، فنحن لا نتصوّر إلّاإحساساتنا التي تشير إلى الحقائق الموضوعية القائمة في العالم الخارجي.
قال جورج بوليتزير:
«ولكن ما هي نقطة البدء في الشعور أو الفكر، إنّها الإحساس. ثمّ إنّ مصدر الإحساسات التي يعالجها الإنسان بدافع من احتياجاته الطبيعية»[2].
«الرأي الماركسي يعني- إذن- أنّ محتوى شعورنا ليس له من مصدر سوى الجزئيات الموضوعية التي تقدِّمها لنا الظروف الخارجية التي نعيش فيها، وتعطى لنا في الإحساسات. وهذا كلّ ما في الأمر»[3].
[1] يراجع: قصّة الفلسفة الحديثة، أحمد أمين وزكي نجيب محمود 1: 130- 135. وخريف الفكر اليوناني، عبد الرحمن بدوي: 168. واسس الفلسفة، د. توفيق الطويل: 355
[2] المادّية والمثالية في الفلسفة: 75
[3] المصدر السابق: 71- 72