بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏

كلمة المؤلّف‏

فلسفتنا هو: مجموعة مفاهيمنا الأساسية عن العالم، وطريقة التفكير فيه؛ ولهذا كان الكتاب- باستثناء التمهيد- ينقسم إلى بحثين: أحدهما نظرية المعرفة، والآخر المفهوم الفلسفي للعالم.

ومسؤولية البحث الأوّل في الكتاب تتلخّص فيما يلي:

أوّلًا- الاستدلال على المنطق العقلي القائل بصحّة الطريقة العقلية في التفكير، وإنّ العقل بما يملك من معارف ضرورية فوق التجربة، هو المقياس الأوّل في التفكير البشري، ولا يمكن أن توجد فكرة فلسفية أو علمية دون إخضاعها لهذا المقياس العامّ، وحتّى التجربة التي يزعم التجريبيّون أ نّها المقياس الأوّل، ليست في الحقيقة إلّاأداة لتطبيق المقياس العقلي، ولا غنى للنظرية التجريبية عن الرصيد العقلي.

وثانياً- درس قيمة المعرفة البشرية، والتدليل على أنّ المعرفة إنّما يمكن التسليم لها بقيمة على أساس المنطق العقلي، لا المنطق الديالكتيكي الذي يعجز عن إيجاد قيمة صحيحة للمعرفة[1].

 

[1] ولا يخفى أنّ المؤلّف قدس سره تكاملت أفكاره في بحث« نظريّة المعرفة» بعد تأليفه لهذا– الكتاب، وانتهى إلى تأسيس اتّجاه جديد في نظريّة المعرفة يختلف عن كلّ من الاتّجاهين التقليديّين اللذين يتمثّلان في« المذهب العقلي» و« المذهب التجريبي»، وقد عرض هذا الاتّجاه الجديد في كتابه القيّم« الاسس المنطقيّة للاستقراء»، وسمّى ذلك ب« المذهب الذاتي للمعرفة» تمييزاً له عن المذهبين الآخرين، وحاول فيه إعادةَ بناء نظريّة المعرفة على أساس جديد، ودراسةَ نقاطها الأساسيّة في ضوءٍ يختلف اختلافاً جذريّاً عمّا قدّمه في القسم الأوّل من هذا الكتاب.( لجنة التحقيق)