المادّة على ضوء الفيزياء
في المادّة فكرتان علميتان، تناولهما العلماء بالبحث والدرس منذ آلاف السنين:
إحداهما أنّ جميع الموادّ المعروفة في دنيا الطبيعة إنّما تتركّب من عدّة موادّ بسيطة محدودة، تُسمّى بالعناصر، والاخرى أنّ المادّة تتكوّن من دقائق صغيرة جدّاً، تُسمّى الذرّات.
أمّا الفكرة الاولى فقد أخذ بها الإغريق بصورة عامّة، وكان الرأي السائد هو اعتبار الماء، والهواء، والتراب، والنار، عناصر بسيطة، وإرجاع جميع المركّبات إليها، بصفتها الموادّ الأوّلية في الطبيعة. وحاول بعض علماء العرب[1] بعد ذلك أن يضيفوا إلى هذه العناصر الأربعة ثلاثة عناصر اخرى، هي: الكبريت، والزئبق، والملح. وقد كانت خصائص العناصر البسيطة- في رأي الأقدمين[2]– حدوداً فاصلة بينها، فلا يمكن أن يتحوّل عنصر بسيط إلى عنصر بسيط آخر.
وأمّا الفكرة الثانية (فكرة ائتلاف الأجسام من ذرّات صغيرة) فكانت موضوع صراع بين نظريتين: النظرية الانفصالية، والنظرية الاتّصالية. فالنظرية الانفصالية هي النظرية الذرّية للفيلسوف الإغريقي (ديمقريطس)[3]، القائلة: إن
[1] تاريخ العلوم عند العرب، عمر فرّوخ: 216
[2] المصدر السابق: 70
[3] انظر تفصيل النظريّة في قصّة الفلسفة اليونانيّة: 48- 53، الفصل السادس، المذهب الذرّي. وتاريخ العلوم عند العرب: 71 و 101