[مفاهيم ثلاثة للعالم:]
إنّ لمسألة تكوين مفهوم فلسفي عام عن العالم، مركزاً رئيسياً في العقل البشري، منذ حاولت الإنسانية تحديد علاقاتها بالعالم الموضوعي وارتباطها به.
ولسنا نحاول في دراستنا هذه أن نؤرّخ للمسألة في سيرها الفلسفي والديني والعلمي، وتطوّرها على مرّ الزمن منذ آمادها البعيدة، وإنّما نستهدف أن نعرض المفاهيم الأساسية في الحقل الفلسفي الحديث؛ لنحدّد موقفنا منها، وما هو المفهوم الذي يجب أن تتبلور نظرتنا العامّة على ضوئه ويرتكز مبدأنا في الحياة على أساسه.
ومردّ مسألتنا هذه إلى مسألتين: إحداهما، مسألة المثالية والواقعية.
والاخرى، مسألة المادّية والإلهية.
ففي المسألة الاولى يُعرَض السؤال على الوجه التالي: أنّ هذه الكائنات التي يتشكّل منها العالم، هل هي حقائق موجودة بصورة مستقلّة عن الشعور والإدراك؟ أو أ نّها ليست إلّاألواناً من تفكيرنا وتصوّرنا؟ بمعنى: أنّ الفكر أو الإدراك هو الحقيقة، وكلّ شيء يرجع في نهاية المطاف إلى التصوّرات الذهنية، فإذا أسقطنا الشعور أو ال (أنا) فإنّ الواقع كلّه يزول. فهذان تقديران للمسألة.