[الإسلام والمشكلة الاجتماعيّة]
التعليل الصحيح للمشكلة:
ولأجل أن نصل إلى الحلقة الاولى في تعليل المشكلة الاجتماعية، علينا أن نتساءل عن تلك المصلحة المادّية الخاصّة التي أقامها النظام الرأسمالي مقياساً ومبرِّراً وهدفاً وغاية، نتساءل: ما هي الفكرة التي صحَّحت هذا المقياس في الذهنية الديمقراطية الرأسمالية وأوحت به؟ فإنّ تلك الفكرة هي الأساس الحقيقيّ للبلاء الاجتماعي وفشل الديمقراطية الرأسمالية في تحقيق سعادة الإنسان وتوفير كرامته. وإذا استطعنا أن نقضي على تلك الفكرة فقد وضعنا حدّاً فاصلًا لكلّ المؤامرات على الرفاه الاجتماعي، والالتواءات على حقوق المجتمع وحرّيته الصحيحة، ووفِّقنا إلى استثمار الملكية الخاصّة لخير الإنسانية ورقيّها وتقدّمها في المجالات الصناعية وميادين الانتاج.
فما هي تلك الفكرة؟
إنّ تلك الفكرة تتلخّص في التفسير المادّي المحدود للحياة الذي أشاد عليه الغرب صرح الرأسمالية الجبّار؛ فإنّ كلّ فرد في المجتمع إذا آمن بأنّ ميدانه الوحيد في هذا الوجود العظيم هو: حياته المادّية الخاصّة، وآمن- أيضاً- بحرّيته في التصرّف بهذه الحياة واستثمارها، وأ نّه لا يمكن أن يكسب من هذه الحياة غاية إلّااللذّة التي توفِّرها له المادّة، وأضاف هذه العقائد المادّية إلى حبّ الذات الذي هو من صميم طبيعته، فسوف يسلك السبيل الذي سلكه الرأسماليّون، وينفِّذ أساليبهم كاملة، ما لم تحرمه قوّة قاهرة من حريّته، وتسدّ عليه السبيل.