بلا إنتاج ولا عمل، ولا هو الذي يدفعه إلى شراء جميع البضائع الاستهلاكية من الأسواق؛ ليحتكرها ويرفع بذلك من أثمانها، ولا هو الذي يفرض عليه فتح أسواق جديدة، وإن انتهكت بذلك حرّيات الامم وحقوقها، وضاعت كرامتها وحرّيتها.
كلّ هذه المآسي المروعة لم تنشأ من الملكيّة الخاصّة، وإنّما هي وليدة المصلحة المادّية الشخصية التي جعلت مقياساً للحياة في النظام الرأسمالي، والمبرّر المطلق لجميع التصرّفات والمعاملات. فالمجتمع حين تقام اسسه على هذا المقياس الفردي والمبرِّر الذاتي، لا يمكن أن يُنتظَر منه غير ما وقع؛ فإنّ من طبيعة هذا المقياس تنبثق تلك اللعنات والويلات على الإنسانية كلّها، لا من مبدأ الملكية الخاصّة، فلو ابدل المقياس، ووضعت للحياة غاية جديدة مهذّبة تنسجم مع طبيعة الإنسان، لتحقَّق بذلك العلاج الحقيقي للمشكلة الإنسانية الكبرى.