المعنويّ للإنسانية، وبين حاجة هي من الحقّ المادّي لها، إذا أعوزها النظام الذي يجمع بين الناحيتين، ويوفَّق إلى حلّ المشكلتين.
إنّ إنساناً يعتصر الآخرون طاقاته، ولا يطمئنُّ إلى حياة طيّبة، وأجر عادل، وتأمين في أوقات الحاجة لهو إنسان قد حُرِمَ من التمتّع بالحياة، وحيل بينه وبين الحياة الهادئة المستقرّة. كما أنّ إنساناً يعيش مهدَّداً في كلّ لحظة، مُحاسَباً على كلّ حركة، مُعرَّضاً للاعتقال بدون محاكمة، وللسجن والنفي والقتل لأدنى بادرة لهو إنسان مروّع مرعوب، يسلبه الخوف حلاوة العيش، وينغّص الرعب عليه ملاذّ الحياة.
والإنسان الثالث المطمئنّ إلى معيشته، الواثق بكرامته وسلامته، هو حلم الإنسانية العذب. فكيف يتحقّق هذا الحلم؟ ومتى يصبح حقيقة واقعة؟
وقد قلنا: إنّ العلاج الشيوعي للمشكلة الاجتماعية ناقصٌ، مضافاً إلى ما أشرنا إليه من مضاعفات. فهو وإن كان تتمثّل فيه عواطف ومشاعر إنسانية أثارها الطغيان الاجتماعيّ العامّ، فأهاب بجملة من المفكّرين إلى الحلّ الجديد، غير أ نّهم لم يضعوا أيديهم على سبب الفساد ليقضوا عليه، وإنّما قضوا على شيء آخر، فلم يُوفَّقوا في العلاج، ولم ينجحوا في التطبيب.
إنّ مبدأ الملكية الخاصّة ليس هو الذي نشأت عنه آثام الرأسمالية المطلقة التي زعزعت سعادة العالم وهناءه، فلا هو الذي يفرض تعطيل الملايين من العمّال في سبيل استثمار آلة جديدة تقضي على صناعاتهم، كما حدث في فجر الانقلاب الصناعي، ولا هو الذي يفرض التحكّم في اجور الأجير وجهوده بلا حساب، ولا هو الذي يفرض على الرأسماليّ أن يتلف كمّيات كبيرة من منتوجاته؛ تحفّظاً على ثمن السلعة وتفضيلًا للتبذير على توفير حاجات الفقراء بها، ولا هو الذي يدعوه إلى جعل ثروته رأس مال كاسب يضاعفه بالربا وامتصاص جهود المدينين