الديمقراطية الرأسمالية
ولنبدأ بالنظام الديمقراطي الرأسمالي، هذا النظام الذي أطاح بلون من الظلم في الحياة الاقتصادية، وبالحكم الدكتاتوري في الحياة السياسية، وبجمود الكنيسة وما إليها في الحياة الفكرية، وهيّأ مقاليد الحكم والنفوذ لفئة حاكمة جديدة حلَّت محلّ السابقين، وقامت بنفس دورهم الاجتماعي في اسلوب جديد.
وقد قامت الديمقراطية الرأسمالية على الإيمان بالفرد إيماناً لا حدّ له، وبأنّ مصالحه الخاصّة بنفسها تكفل- بصورة طبيعية- مصلحة المجتمع في مختلف الميادين … وأنّ فكرة الدولة إنّما تستهدف حماية الأفراد ومصالحهم الخاصّة، فلا يجوز لها أن تتعدَّى حدود هذا الهدف في نشاطها ومجالات عملها.
ويتلخّص النظام الديمقراطي الرأسمالي في إعلان الحرّيات الأربع:
السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والشخصية.
فالحرّية السياسية تجعل لكلّ فرد كلاماً مسموعاً، ورأياً محترماً في تقرير الحياة العامّة للُامّة: وضع خططها، ورسم قوانينها، وتعيين السلطات القائمة لحمايتها؛ وذلك لأنّ النظام الاجتماعي للُامّة، والجهاز الحاكم فيها، مسألةٌ تتّصل اتّصالًا مباشراً بحياة كلّ فرد من أفرادها، وتؤثّر تأثيراً حاسماً في سعادته أو شقائه، فمن الطبيعي- حينئذٍ- أن يكون لكلّ فرد حقّ المشاركة في بناء النظام والحكم.
وإذا كانت المسألة الاجتماعية- كما قلنا- مسألة حياة أو موت، ومسألة سعادة أو شقاء للمواطنين الذين تسري عليهم القوانين والأنظمة العامّة …