المادّي مردّه في الزعم المثالي إلى مجال روحي.
وأمّا الروحية في المفهوم الإلهي أو العقيدة الإلهية، فهي طريقة للنظر إلى الواقع بصورة عامّة، لا مجالًا خاصّاً مقابلًا للمجال المادّي. فالإلهية التي تؤمن بالسبب المجرّد الأعمق، تعتقد بصلة كلّ ما هو موجود في المجال العامّ- سواءٌ أكان روحياً أم مادّياً- بذلك السبب الأعمق، وترى أنّ هذه الصلة هي التي يجب أن يحدّد على ضوئها الموقف العملي والاجتماعي للإنسان تجاه الأشياء جميعاً.
فالروحية في العرف الإلهي اسلوب في فهم الواقع، ينطبق على المجال المادّي والمجال الروحي- بمعناه المثالي- على السواء.
ويتلخّص من العرض السابق: أنّ المفاهيم الفلسفية عن العالم ثلاثة.
وقد درسنا في نظرية المعرفة المفهوم المثالي باعتباره مرتبطاً بها كلّ الارتباط، واستعرضنا أخطاءه، فلنتناول في هذه المسألة دراسة المفهومين الآخرين: المادّي والإلهي.
وفي المفهوم المادّي اتّجاهان: الاتّجاه الآلي أو الميكانيكي، والاتّجاه الديالكتيكي والتناقض، أو المادّية الديناميكية.
إيضاح عدّة نقاط عن المفهومين:
وقبل أن نعرض للمفهوم المادّي بكلا اتّجاهيه يجب أن نستوضح عدّة نقاط حول المفهوم الإلهي والمادّي، وذلك في الأسئلة الآتية:
السؤال الأوّل- ما هي الميزة الأساسية لكلّ من الاتّجاه المادّي (المدرسة المادّية للفلسفة)، والاتّجاه الإلهي (المدرسة الإلهية) على الآخر وما هو الفارق الرئيسي الذي جعل منهما اتّجاهين متعارضين، ومدرستين متقابلتين؟
ونظرة واحدة نلقيها على المدرستين تحدّد لنا جواباً واضحاً على هذا