جميع العناصر البسيطة. فليست صفات الراديوم، والرصاص، والآزوت، والاوكسجين، ذاتية للموادّ التي تتمثّل في تلك العناصر ما دام في الإمكان تبديلها البعض بالبعض.
د- وأخيراً، فنفس صفة المادّية أصبحت- على ضوء الحقائق السابقة- صفة عرضية أيضاً، فهي لا تعدو أن تكون لوناً من ألوان الطاقة وشكلًا من أشكالها، وليس هذا الشكل ذاتياً لها؛ لما سبق من أ نّها قد تستبدل هذا الشكل بشكل آخر، فتتحوّل المادّة إلى طاقة، ويتحوّل الكهرب إلى كهرباء.
النتيجة الفلسفية من ذلك:
وإذا أخذنا تلك النتائج العلمية بعين الاعتبار، وجب أن ندرسها درساً فلسفياً؛ لنعرف ما إذا كان في الإمكان أن نفترض المادّة هي السبب الأعلى (العلّة الفاعلية) للعالم أو لا. ولا تردّد في أنّ الجواب الفلسفي على هذا السؤال هو:
النفي بصورة قاطعة؛ ذلك لأنّ المادّة الأصيلة للعالم حقيقة واحدة عامّة في جميع مظاهره وكائناته، ولا يمكن للحقيقة الواحدة ان تختلف آثارها، وتتباين أفعالها.
فالتحليل العلمي للماء، والخشب، والتراب، وللحديد والآزوت، والرصاص، والراديوم، أدّى في نهاية المطاف إلى مادّة واحدة، نجدها في كلّ هذه العناصر وتلك المركّبات. فلا تختلف مادّة كلّ واحد من هذه الأشياء عن مادّة غيره، ولذلك يمكن تحويل مادّة شيء إلى شيء آخر.
فكيف يمكن أن نسند إلى تلك المادّة الأساسية التي نجدها في الأشياء جميعاً، تنوّع تلك الأشياء وحركاتها المختلفة؟! ولو أمكن هذا لكان معناه: أنّ الحقيقة الواحدة قد تتناقض ظواهرها، وتختلف أحكامها. وفي ذلك القضاء الحاسم على جميع العلوم الطبيعية بصورة عامّة؛ لأنّ هذه العلوم قائمة جميعاً على