2- النظرية العقلية:
وهي لعدّة من كبار فلاسفة اوروبا ك (ديكارت[1]) و (كانت[2]) وغيرهما.
وتتلخّص هذه النظرية في الاعتقاد بوجود منبعين للتصوّرات:
أحدهما الإحساس، فنحن نتصوّر الحرارة والنور والطعم والصوت؛ لأجل إحساسنا بذلك كلّه.
والآخر الفطرة، بمعنى: أنّ الذهن البشري يملك معانٍ وتصوّرات لم تنبثق عن الحسّ، وإنّما هي ثابتة في صميم الفطرة، فالنفس تستنبط من ذاتها. وهذه التصوّرات الفطرية عند (ديكارت) هي فكرة (اللَّه والنفس والامتداد والحركة) وما إليها من أفكار تتميّز بالوضوح الكامل في العقل البشري. وأمّا عند (كانت) فالجانب الصوري للإدراكات والعلوم الإنسانية كلّه فطري بما يشتمل عليه من صورتي الزمان والمكان والمقولات الاثنتي عشر المعروفة عنه.
فالحسّ على أساس هذه النظرية مصدر فهم للتصوّرات والأفكار البسيطة، ولكنّه ليس هو السبب الوحيد، بل هناك الفطرة التي تبعث في الذهن طائفة من التصوّرات.
والذي اضطرّ العقليين إلى اتّخاذ هذه النظرية في تعليل التصوّرات البشرية هو: أ نّهم لم يجدوا لطائفة من المعاني والتصوّرات مبرّراً لانبثاقها عن الحسّ؛ لأ نّها معانٍ غير محسوسة، فيجب أن تكون مستنبطة للنفس استنباطاً ذاتياً من صميمها. ويتّضح من هذا: أنّ الدافع الفلسفي إلى وضع النظرية العقلية يزول تماما
[1] راجع: مدخل إلى فلسفة ديكارت: 109- 114
[2] راجع: كانت أو الفلسفة النقديّة، د. زكريا إبراهيم: 46- 82