إنّ الديمقراطية الرأسمالية نظام محكوم عليه بالانهيار والفشل المحقّق في نظر الإسلام، ولكن لا باعتبار ما يزعمه الاقتصاد الشيوعي من تناقضات رأس المال بطبيعته، وعوامل الفناء التي تحملها الملكية الخاصّة في ذاتها؛ لأنّ الإسلام يختلف في طريقته المنطقية واقتصاده السياسي وفلسفته الاجتماعية عن مفاهيم هذا الزعم وطريقته الجدلية- كما أوضحنا ذلك في كتاب (اقتصادنا)- ويضمن وضع الملكية الفردية في تصميم اجتماعي، خالٍ من تلك التناقضات المزعومة.
بل إنّ مردّ الفشل والوضع الفاجع الذي منيت به الديمقراطية الرأسمالية في عقيدة الإسلام إلى مفاهيمها المادّية الخالصة، التي لا يمكن أن يسعد البشر بنظام يستوحي جوهره منها، ويستمدّ خطوطه العامّة من روحها وتوجيهها.
فلا بدّ إذن من معين آخر- غير المفاهيم المادّية عن الكون- يستقي منه النظام الاجتماعي، ولا بدّ من وعي سياسي صحيح ينبثق عن مفاهيم حقيقية للحياة، ويتبنّى القضية الإنسانية الكبرى، ويسعى إلى تحقيقها على قاعدة تلك المفاهيم، ويدرس مسائل العالم من هذه الزاوية. وعند اكتمال هذا الوعي السياسي في العالَم، واكتساحه لكلّ وعي سياسي آخر، وغزوه لكلّ مفهوم للحياة لا يندمج بقاعدته الرئيسية … يمكن أن يدخل العالَم في حياة جديدة مشرقة بالنور عامرة بالسعادة.
إنّ هذا الوعي السياسي العميق هو: رسالة السلام الحقيقي في العالم، وإنّ هذه الرسالة المنقذة لهي رسالة الإسلام الخالدة التي استمدّت نظامها الاجتماعي- المختلف عن كلّ ما عرضناه من أنظمة- من قاعدة فكرية جديدة للحياة والكون.
وقد أوجد الإسلام بتلك القاعدة الفكرية النظرة الصحيحة للإنسان إلى