وفي المحتوى الداخلي للإنسان، فتنقلب مشاعره الفردية إلى مشاعر جماعية، ويتحوّل حبّه لمصالحه ومنافعه الخاصّة إلى حبّ لمنافع الجماعة ومصالحها، وفقاً لقانون التوافق بين حالة الملكية الأساسية، ومجموع الظواهر الفوقية التي تتكيّف بموجبها.
والواقع: أنّ هذا المفهوم الماركسي لحبّ الذات، يقدِّر العلاقة بين الواقع الذاتي (غريزة حبّ الذات)، وبين الأوضاع الاجتماعية بشكل مقلوب. وإلّا فكيف نستطيع أن نؤمن بأنّ الدافع الذاتي وليد الملكية الخاصّة والتناقضات الطبقية التي تنجم عنها؟! فإنّ الإنسان لو لم يكن يملك سلفاً الدافع الذاتي، لما أوجد هذه التناقضات، ولا فكّر في الملكية الخاصّة والاستئثار الفردي.
ولماذا يستأثر الإنسان بمكاسب النظام، ويضعه بالشكل الذي يحفظ مصالحه على حساب الآخرين ما دام لا يحسّ بالدافع الذاتي في أعماق نفسه؟!
فالحقيقة: أنّ المظاهر الاجتماعية للأنانية في الحقل الاقتصادي والسياسي لم تكن إلّانتيجة للدافع الذاتي لغريزة حبّ الذات. فهذا الدافع أعمق منها في كيان الإنسان، فلا يمكن أن يزول وتقتلع جذوره بإزالة تلك الآثار؛ فإنّ عملية كهذه لا تعدو أن تكون استبدالًا لآثار باخرى قد تختلف في الشكل والصورة، لكنّها تتّفق معها في الجوهر والحقيقة.
أضف إلى ذلك: أ نّنا لو فسّرنا الدافع الذاتي (غريزة حبّ الذات) تفسيراً موضوعياً- بوصفه انعكاساً لظواهر الفردية في النظام الاجتماعي، كظاهرة الملكية الخاصّة- كما صنعت الماركسية، فلا يعني هذا أنّ الدافع الذاتي سوف يفقد رصيده الموضوعي وسببه من النظام الاجتماعي بإزالة الملكية الخاصّة؛ لأنّها وإن كانت ظاهرة ذات طابع فردي، ولكنّها ليست هي الوحيدة من نوعها، فهناك- مثلًا- ظاهرة الإدارة الخاصّة التي يحتفظ بها حتّى النظام الاشتراكي؛ فإنّ النظام