قائمة بنفس الجسم. فهذه القوّة هي المحرّكة الحقيقية، والأسباب الخارجية إنّما تعمل لإثارة هذه القوّة وإعدادها للتأثير. وعلى هذا الأساس قام مبدأ (الحركة الجوهرية)، كما أوضحناه في الجزء السابق من هذه المسألة[1]. ولسنا نستهدف الآن الإفاضة في هذا الحديث، وإنّما نرمي من ورائه إلى توضيح: أنّ التجربة العلمية التي قام على أساسها قانون (القصور الذاتي)، لا تتعارض مع قوانين العلّية، ولا تبرهن على ما يعاكسها مطلقاً.
النتيجة:
ولم يبقَ علينا لأجل أن نصل إلى النتيجة إلّاأن نعطف على ما سبق (قانون النهاية)، وهو القانون القائل: إنّ العلل المتصاعدة في الحساب الفلسفي التي ينبثق بعضها عن بعض يجب أن يكون لها بداية، أي: علّة اولى لم تنبثق عن علّة سابقة. ولا يمكن أن يتصاعد تسلسل العلل تصاعداً لانهائياً؛ لأنّ كلّ معلول- كما سبق- ليس إلّاضرباً من التعلّق والارتباط بعلّته، فالموجودات المعلولة جميعاً ارتباطات وتعلّقات، والارتباطات تحتاج إلى حقيقة مستقلّة تنتهي إليها.
فلو لم توجد لسلسلة العلل بداية، لكانت الحلقات جميعاً معلولة، وإذا كانت معلولة فهي مرتبطة بغيرها، ويتوّجه السؤال- حينئذٍ- عن الشيء الذي ترتبط به هذه الحلقات جميعاً.
وفي عرض آخر: أنّ سلسلة الأسباب إذا كان يوجد فيها سبب غير خاضع لمبدأ العلّية، ولا يحتاج إلى علّة، فهذا هو السبب الأوّل الذي يضع للسلسلة بدايتها ما دام غير منبثق عن سبب آخر يسبقه. وإذا كان كلّ موجود في السلسلة محتاجا
[1] تحت عنوان:« 1- حركة التطوّر»