حصلت بعد انفصال الجهاز عن القوّة الخارجية المحرّكة، أن يزاد في أمدها، بتدهين آلات الجهاز، وتسوية الطريق، وتخفيف الضغط الخارجي. غير أنّ هذه الامور لا شأن لها، إلّاتخفيف الموانع عن الحركة من الاصطكاك ونحوه، فإذا استطعنا أن نضاعف من هذه المخفّفات، نضمن مضاعفة الحركة، وإذا افترضنا ارتفاع جميع الموانع، وزوال الضغط الخارجي نهائياً، كان معنى ذلك استمرار الحركة إلى غير حدّ بسرعة معيّنة، فيعرف من ذلك: أنّ الحركة إذا اثيرت في جسم، ولم تعترضها قوّة خارجية مصادمة، تبقى بسرعة معيّنة، وإن بطلت القوّة.
فالقوى الخارجية إنّما تؤثّر في تغيير السرعة عن حدّها الطبيعي، تنزل أو ترتفع بها. ولذلك كان مدى السرعة- من حيث الشدّة والضعف والبطء- يتوقّف على الضغط الخارجي الموافق أو المعاكس. وأمّا نفس الحركة واستمرارها بسرعتها الطبيعية، فلا يتوقّف ذلك على عوامل خارجية.
ومن الواضح: أنّ هذه التجربة حين تكون صحيحة، لا تعني أنّ المعلول بقي من دون علّة، ولا تعاكس القانون الفلسفي الذي ذكرناه؛ لأنّ التجربة لم توضّح ما هي العلّة الحقيقية للحركة؛ لنعرف ما إذا كانت تلك العلّة قد زالت مع استمرار الحركة. وكأنّ هؤلاء الذين حاولوا أن يدلّلوا بها على بطلان القانون الفلسفي، زعموا أنّ العلّة الحقيقية للحركة هي القوّة الخارجية المحرّكة، ولمّا كانت هذه القوّة قد انقطعت صلتها بالحركة، واستمرّت الحركة بالرغم من ذلك، فيكشف ذلك عن استمرار الحركة بعد زوال علّتها.
ولكنّ الواقع: أنّ التجربة لا تدلّ على أنّ القوّة الدافعة من خارج هي العلّة الحقيقية؛ ليستقيم لهم هذا الاستنتاج، بل من الجائز أن يكون السبب الحقيقي للحركة شيئاً موجوداً على طول الخطّ. والفلاسفة الإسلاميون يعتقدون: أنّ الحركات العرضية- بما فيها الحركة الميكانيكية للجسم- تتولّد جميعاً عن قوّة