ّ نتائج عملية طويلة من التطوّر»[1].
والواقع: أنّ الاكتشاف الأوّل هو من الكشوف العلمية التي انتصرت فيها الميتافيزيقا؛ لأنّه برهن على أنّ مبدأ الحياة هو الخلية الحيّة (البروتوبلاسم)، فأزاح بذلك الوهم القائل بإمكان قيام الحياة في أيّ مادّة عضوية تتوفّر فيها عوامل مادّية خاصة، ووضع حدّاً فاصلًا بين الكائنات الحيّة وغيرها؛ نظراً إلى أنّ جرثومة الحياة الخاصّة، هي وحدها التي تحمل سرّها العظيم. فاكتشاف الخلية الحية في نفس الوقت الذي دلّنا على أصل واحد للأجسام الحيّة، دلّنا- أيضاً- على مدى البون بين الكائن الحيّ وغيره.
وأمّا الاكتشاف الثاني فهو الآخر- أيضاً- يُعدّ ظفراً عظيماً للميتافيزيا؛ لأنّه يثبت بطريقة علمية: أنّ جميع الأشكال التي تتّخذها الطاقة- بما فيها الصفة المادّية- هي صفات وخصائص عرضية، فتكون بحاجة إلى سبب خارجي، كما سنوضّح ذلك في الجزء الرابع من هذه المسألة. أضف إلى ذلك: أنّ الاكتشاف المذكور يتعارض مع قوانين الديالكتيك؛ لأنّه يفترض للطاقة كمّية محدودة ثابتة لا تخضع للحركة الديالكتيكية، التي يزعم الجدل الماركسي صدقها على جميع جوانب الطبيعة وظواهرها، وإذا أثبت العلم استثناء جانب في الطبيعة من قوانين الديالكتيك، فقد زالت ضرورته وصفته القطعية.
وأمّا نظرية (داروين) عن تطوّر الأنواع وخروج بعضها من بعض، فهي لا تتّفق- أيضاً- مع قوانين الديالكتيك، ولا يمكن أن تُتّخذ سنداً علمياً للطريقة الديالكتيكية في تفسير الأحداث؛ فإنّ داروين وبعض المساهمين معه في بناء النظرية وتعديلها، يفسّرون تطوّر نوع إلى نوع آخر على أساس ما يظفر به بعض
[1] لودفيج فيورباخ: 88