أفراد النوع القديم من ميزات وخصائص عن طريق صدفة ميكانيكية أو أسباب خارجية محدّدة، كالبيئة والمحيط، وكلّ ميزة يحصل عليها الفرد تظلّ ثابتة فيه، وتنتقل بالوراثة إلى أبنائه، وبذلك ينشأ جيل قوي بفضل هذه الميزات المكتسبة.
وفي خضمّ الصراع في سبيل القوت والبقاء بين الأقوياء من هذا الجيل، وبين الضعاف من أفراد النوع الذين لم يظفروا بمثل تلك الميزات، يعمل قانون تنازع البقاء عمله، فيفنى الضعيف ويبقى الأفراد الأقوياء، وتتجمّع المزايا عن طريق توريث كلّ جيل مزاياه التي حصل عليها بسبب ظروفه وبيئته التي عاشها للجيل الذي يتلوه، وهكذا حتّى ينشأ نوع جديد يتمتّع بمجموع المزايا التي اكتسبها أسلافه على مرّ الزمن.
ونحن نستطيع أن ندرك بوضوح مدى التناقض بين نظرية داروين هذه، وبين الطريقة الديالكتية العامة.
فهناك الطابع الميكانيكي للنظرية يبدو بوضوح من خلال تفسير داروين لتطوّر الحيوان بأسباب خارجية، فالميزات والفروق الفردية التي يحصل عليها الجيل القوي من أفراد النوع ليست نتيجة لعملية تطوّرية ولا ثمرة لتناقض داخلي، وإنّما هي وليدة مصادفة ميكانيكية أو عوامل خارجية من البيئة والمحيط، فالظروف الموضوعية التي عاشها الأفراد الأقوياء هي التي أمدّتهم بعناصر قوّتهم وميّزتهم عن الآخرين لا الصراع الداخلي في الأعماق كما يفترض الديالكتيك.
كما أنّ الميزة التي يحصل عليها الفرد بطريقة ميكانيكية- أي: بأسباب خارجية من الظروف التي يعيشها- لا تتطوّر بحركة ديناميكية وتنمو بتناقض داخلي حتّى تُحوّل الحيوان إلى نوع جديد، وإنّما تظلّ ثابتة، وتنتقل بالوراثة دون أن تتطوّر، وتبقى بشكل تغيّر بسيط ساكن، ثمّ تضاف إلى الميزة السابقة ميزة اخرى تتولّد هي الاخرى- أيضاً- ميكانيكياً بسبب الظروف الموضوعية،