يتحوّل المجموع. وقد لا يستطيع التحوّل الكيفي أن يشمل المجموع، فيبقى مقصوراً على الأجزاء التي توفّرت فيها الشروط الخارجية للانقلاب. وإذا كان هذا هوكلّ ما يعنيه القانون الديالكتي بالنسبة إلى الطبيعة، فلماذا يجب أن تفرض القفزة في الميدان الاجتماعي على النظام ككلّ؟! ولماذا يلزم في الناموس الطبيعي للمجتمعات أن يهدم الكيان الاجتماعي في كلّ مرحلة بانقلاب دفعي شامل؟! ولماذا لا يمكن أن تتّخذ القفزة الديالكتيكية المزعومة في الحقل الاجتماعي نفس اسلوبها في الحقل الطبيعي، فلا تمسّ إلّاالجوانب التي توفّرت فيها شروط الانقلاب، ثمّ تتدرّج حتّى يتحقّق التحوّل العام في نهاية الأمر؟!
وأخيراً، فإنّ تحوّل الكمّية إلى كيفية لا يمكن أن نطبّقه بأمانة على مثال الماء الذي يتحوّل إلى غاز أو جليد وفقاً لصعود درجة الحرارة فيه وهبوطها كما صنعت الماركسية؛ لأنّ الماركسية اعتبرت الحرارة كمّية والغاز أو الجليد كيفية، فقرّرت أنّ الكمّية في المثال تحوّلت إلى كيفية، وهذا المفهوم الماركسي للحرارة أو للغاز والجليد لا يقوم على أساس؛ لأنّ التعبير الكمّي عن الحرارة الذي يستعمله العلم حين يقول: أنّ درجة حرارة الماء مئة أو خمسة، ليس هو جوهر الحرارة، وإنّما هو مظهر للُاسلوب العلمي في ردّ الظواهر الطبيعية إلى كمّيات؛ ليسهل ضبطها وتحديدها.
فعلى أساس الطريقة العلمية في التعبير عن الأشياء، يمكن أن تعتبر الحرارة كمّية، غير أنّ الطريقة العلمية لا تعتبر الحرارة ظاهرة كمّية فحسب، بل إنّ تحوّل الماء إلى بخار- مثلًا- يتّخذ تعبيراً كمّياً أيضاً، فهو ظاهرة كمّية في اللغة العلمية كالحرارة تماماً؛ لأنّ العلم يحدّد الانتقال من الحالة السائلة إلى الغازية بضغط يمكن قياسه كمّياً، أو بعلاقات وفواصل بين الذرّات تقاس كمّياً كما تقاس الحرارة، ففي المنظار العلمي- إذن- لا توجد في المثال إلّاكمّيات تتحوّل بعضها