إلى بعض، وأمّا في المنظار الحسّي أي: في مفهومنا الذي يوحي به إحساسنا بالحرارة حين نغمس يدنا في الماء، أو إحساسنا بالغاز حين نرى الماء يتحوّل بخاراً، فالحرارة كالغاز حالة كيفية، وهي الحالة التي تبعث في نفوسنا شيئاً من الانزعاج حين تكون الحرارة شديدة فالكيفية تتحوّل إلى كيفية.
وهكذا نجد: أنّ الماء في حرارته وتبخّره لا يمكن أن يعطي مثالًا لتحوّل الكمّية إلى كيفية، إلّاإذا تناقضنا فنظرنا إلى الحرارة بالمنظار العلمي وإلى الحالة الغازية بمنظار حسّي.
ويحسن بنا- أخيراً- أن نختم الحديث عن قفزات التطوّر بما أتحفنا به ماركس- مثالًا له- في كتابه: (رأس المال). فقد ذكر أ نّه ليس كلّ مقدار من النقود قابلًا للتحويل إلى رأسمال اعتباطاً، بل لا بدّ لحدوث هذا التحويل من أن يكون المالك الفردي للنقد حائزاً قبل ذلك على حدّ أدنى من النقود، يفسح له معيشة مضاعفة عن مستوى معيشة العامل الاعتيادي. ويتوقّف ذلك على أن يكون في إمكانه تسخير ثمانية عمّال. وأخذ في توضيح ذلك على أساس مفاهيمه الاقتصادية الرئيسية من القيمة الفائضة، والرأسمال المتحوّل، والرأسمال الثابت. فاستشهد بقضية العامل الذي يشتغل ثماني ساعات لنفسه، أي في إنتاج قيمة اجوره، ويشتغل الساعات الأربع التالية للرأسمالي في إنتاج القيمة الزائدة التي يربحها صاحب المال. ومن المحتّم على الرأسمالي في هذه الحالة أن يكون تحت تصرّفه مقدار من القيم، يكفي لتمكينه من تزويد عاملين بالموادّ الخام، وأدوات العمل، والاجور، بغية أن يمتلك يومياً قيمة زائدة تكفي لتمكينه من أن يقتات بها، كما يقتات أحد عامليه. ولكن بما أنّ هدف الرأسمالي ليس هو مجرّد الاقتيات، بل زيادة الثروة، فإنّ منتجنا هذا سيظلّ بعامليه هذين ليس برأسمالي.
ولكيما يتسنّى له أن يعيش عيشة تكون في مستواها ضعف عيشة العامل