بالترابط العامّ، وبحركة التطوّر، وبقفزات التطوّر، وبتناقضات التطوّر»[1].
هكذا نرى أنّ الديالكتيك أقصى عن ميدانه أكثر الأفكار البشرية بدهية.
فأنكر مبدأ عدم التناقض، وافترض التناقض- عوضاً عنه- قانوناً عاماً للطبيعة والوجود. وهو في هذا الإنكار والافتراض يطبّق مبدأ عدم التناقض بصورة لاشعورية؛ فإنّ الجدلي حين يؤمن بالتناقضات الجدلية وبالتفسير الديالكتي للطبيعة، يجد نفسه مضطرّاً إلى رفض مبدأ عدم التناقض والتفسير الميتافيزيقي لها.
ومن الواضح: أنّ هذا ليس إلّالأجل أنّ الطبيعة البشرية لا يمكن أن توفّق بين السلب والإيجاب معاً، بل تشعر ذاتياً بالتعارض المطلق بينهما، وإلّا فلماذا رفضت الماركسية مبدأ عدم التناقض واعتقدت ببطلانه؟! أليس ذلك لأنّها آمنت بالتناقض، ولا يسعها أن تؤمن بعدمه ما دامت آمنت بوجوده؟!
وهكذا نعرف أنّ مبدأ عدم التناقض هو المبدأ الأساسي العامّ الذي لم يتجرّد عنه التفكير البشري حتّى في لحظة التحمّس للجدل والديالكتيك.
وقد كان من نتاج التناقض الديالكتيكي أن أسقط مبدأ الهوية (أ، هي، أ) من قاموس الجدل أيضاً، واجيز أن يكون الشيء غير نفسه، بل التناقض الديالكتيكي العامّ يحتّم ذلك؛ لأنّ كلّ شيء متضمّن لنقيضه، ومعبّر عن نفيه في لحظة إثباته، فليست (أ، هي، أ) بصورة مطلقة، بل كلّ كائن هو نقيض ذاته ونفيها، كما يكون إثباتاً لها؛ لأنّ كيانه متناقض بالصميم، ويحتوي على النفي والإثبات المتصارعين دائماً، والمفجّرين للحركة بهذا الصراع.
[1] المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي: 9