هذا هو القانون الأساسي الذي يزعمه الديالكتيك صالحاً لتفسير الطبيعة والعالم، وتبرير الحركة الصاعدة وما تزخر به من تطوّرات وقفزات. فهو حين أقصى من فلسفته مفهوم المبدأ الأوّل، واستبعد بصورة نهائية افتراض السبب الخارجي الأعمق، وجد نفسه مضطرّاً إلى إعطاء تبرير وتفسير للجريان المستمرّ والتغيّر الدائم في عالم المادّة؛ ليشرح كيف تتطوّر المادّة وتختلف عليها الألوان، أي: ليحدّد رصيد الحركة والسبب الأعمق لظواهر الوجود، فافترض أنّ هذا الرصيد يوجد في المحتوى الداخلي للمادّة، فالمادّة تنطوي على التموين المستمرّ للحركة. ولكن كيف تملك المادّة هذا التموين؟ وهذا هو السؤال الرئيسي في المشكلة التي تجيب عنه المادّية الديالكتيكية، بأنّ المادّة وحدة أضداد ومجتمع نقائض. وإذا كانت الأضداد والنقائض كلّها تنصهر في وحدة معيّنة، فمن الطبيعي أن يقوم بينها الصراع لكسب المعركة، وينبثق التطوّر والتغيّر عن هذا الصراع، وبالتالي تحقّق الطبيعة مراحل تكاملها عن هذا الطريق.
وعلى هذا الأساس تخلّت الماركسية عن مبدأ عدم التناقض، واعتبرته من خصائص التفكير الميتافيزيقي ومن اسس المنطق الشكلي، المتداعية بمعول الجدل القوي، كما يقرّر كيدروف قائلًا:
«نفهم بكلمة المنطق الشكلي المنطق الذي يرتكز فقط على قوانين الفكر الأربعة: الهوية، والتناقض، والعكس، والبرهان. والذي يقف عند هذا الحدّ. أمّا المنطق الديالكتي فنحن نعتبر أ نّه علم الفكر الذي يرتكز على الطريقة الماركسية المميّزة بهذه الخطوط الأساسية الأربعة: الإقرار