قال كيدروف:
«والحقيقة المطلقة الناتجة من حقائق نسبية، هي حركة تطوّر تأريخية، هي حركة المعرفة. ولهذا السبب بالضبط يتناول المنطق الديالكتي الماركسي الشيء الذي يدرسه من وجهة نظر تأريخية، من حيث هو عملية نموّ تطوّرية. إنّه يطابق التأريخ العامّ للمعرفة، يطابق تأريخ العلوم. ولينين إذ يبيّن في الوقت نفسه- باستخدامه مثل العلوم الطبيعية والاقتصاد السياسي والتأريخ- أنّ الديالكتيك يستمدّ استنتاجاته العامّة من تأريخ الفكر، يؤكّد أنّ على تأريخ الفكر في المنطق أن يطابق جزئياً وكلّياً قوانين الفكر»[1].
أمّا أنّ تأريخ المعارف والعلوم الإنسانية زاخر بتقدّم العلم وتكامله في شتّى الميادين ومختلف أبواب الحياة والتجربة، فهذا ما لا يختلف فيه اثنان، ونظرة واحدة نلقيها على العلم في يومه وأمسه، تجعلنا نؤمن كلّ الإيمان بمدى التطوّر السريع والتكامل الرائع الذي حصل عليه في أشواطه الأخيرة. ولكن هذا التطوّر العلمي ليس من ألوان الحركة بمفهومها الفلسفي الذي تحاوله الماركسية، بل لا يعدو أن يكون تقلّصاً كمّياً في الأخطاء، وزيادة كمّية في الحقائق. فالعلم يتطوّر لا بمعنى أنّ الحقيقة العلمية تنمو وتتكامل، بل بمعنى: أنّ حقائقه تزيد وتتكاثر، وأخطاءه تقلّ وتتناقص تبعاً لتوسّع النطاق التجريبي، والتعمّق في التجربة وتدقيق وسائلها.
[1] المنطق الشكلي والمنطق الديالكتي: 12- 13