الواقع المتحرّك في الفكر على حركته ونموّه. وأمّا في هذه المحاولة فتستدلّ الماركسية على الحركة الديالكتيكية في الفكر؛ باعتباره جزءاً من الطبيعة، فقوانين الديالكتيك تجري على المادّة والإدراك معاً، وتشمل الواقع والفكر على السواء؛ لأنّ كلًا منهما جانب من الطبيعة. فالفكرة أو الحقيقة متطوّرة ونامية، لا لأنّها تعكس واقعاً متطوّراً ونامياً فحسب، بل لأنّها هي بذاتها جزء من العالم المتطوّر طبقاً لقوانين الديالكتيك. فالديالكتيك كما ينصّ على وجود الحركة الديناميكية القائمة على أساس التناقض الداخلي في محتوى كلّ ظاهرة موضوعية من ظواهر الطبيعة، كذلك ينصّ عليها في ظواهر الفكر والإدراك جميعاً.
ولنقرأ فيما يتّصل بالموضوع هذا النصّ:
«إنّ الكون هو حركة للمادّة، تخضع لقوانين. ولمّا لم تكن معرفتنا إلّانتاجاً أعلى للطبيعة، لا يسعها إلّاأن تعكس هذه القوانين»[1].
«إذا تساءلنا: ما هو الفكر؟ وما هو الوعي؟ ومن أين يأتيان؟ وجدنا أنّ الإنسان هو نفسه نتاج للطبيعة، نما في بيئة ومع نموّ هذه البيئة. وعندئذٍ يصبح في غنىً عن البيان، كيف إنّ منتوجات الذهن البشري التي هي- أيضاً- عند آخر تحليل منتوجات للطبيعة ليست في تناقض، وإنّما في توافق مع سائر الطبيعة المترابطة؟»[2].
والنقطة الأساسية التي يرتكز عليها هذا الاستدلال، هي: الأخذ بالتفسير
[1] ما هي المادّية؟: 46- 47
[2] ما هي المادّية؟: 46- 47