______________________________
المتحرّك عن الدفعة الخارجية والعامل المنفصل، وكان الجهاز الميكانيكي المتحرّك يسير مقداراً ما بعد بطلان العامل الآلي المحرّك، وعلى هذا الأساس وضع الميكانيك الحديث قانون القصور الذاتي القائل: إنّ الجسم إذا حُرِّك استمرّ في حركته ما لم يمنعه شيء خارجي عن مواصلة نشاطه الحركي. غير أنّ هذا القانون اسيء استخدامه؛ إذ اعتبر دليلًا على أنّ الحركة حين تنطلق لا تحتاج بعد ذلك إلى سبب خاصّ وعلّة معيّنة، واتّخذ أداة للردّ على مبدأ العلّية وقوانينها.
ولكنّ الصحيح: أنّ التجارب العلمية في الميكانيك الحديث، إنّما تدلّ على أنّ العامل الخارجي المنفصل ليس هو العلّة الحقيقية للحركة، وإلّا لما استمرّت حركة الجسم بعد انفصال الجسم المتحرّك عن العامل الخارجي المستقلّ ويجب لهذا أن تكون العلّة المباشرة للحركة قوّة قائمة بالجسم، وأن تكون العوامل الخارجية شرائط ومثيرات لتلك القوّة.
الثاني- أنّ المعلول يجب أن يكون مناسباً للعلّة في الثبات والتجدّد، فإذا كانت العلّة ثابتة كان المعلول ثابتاً، وإذا كان المعلول متجدّداً ومتطوّراً كانت العلّة متجدّدة ومتطوّرة. ومن الضروري على هذا الضوء أن تكون علّة الحركة متحرّكة ومتجدّدة، طبقاً لتجدّد الحركة وتطوّرها نفسها؛ إذ لو كانت علّة الحركة ثابتة ومستقرّة، لكان كلّ ما يصدر منها ثابتاً ومستقرّاً، فتعود الحركة سكوناً واستقراراً، وهو يناقض معنى الحركة والتطوّر.
وعلى أساس هذين الأمرين نستنتج:
أوّلًا- أنّ القوّة القائمة بالجسم والمحرّكة له، قوّة متحرّكة ومتطوّرة، فهذه القوّة بسبب تطوّرها تكون علّة للحركات العرضية والسطحية جميعاً، وهي قوّة جوهرية؛ إذ لا بدّ أن تنتهي إلى قوّة جوهرية؛ لأنّ العرض يتقوّم بالجوهر. وهكذا ثبتت الحركة الجوهرية في الطبيعة.
ثانياً- أنّ الجسم يأتلف دائماً من مادّة تعرضها الحركات، وقوّة جوهرية متطوّرة،-