والفعل أو اتّحادهما في الحركة.
وهذا هو المفهوم الفلسفي الدقيق الذي تعطيه الفلسفة الميتافيزيقية للحركة، وقد أخذته المادّية الديالكتيكية فلم تفهمه ولم تتبيّنه على وجهه الصحيح، فزعمت أنّ الحركة لا تتمّ إلّابالتناقض، التناقض المستمرّ في صميم الأشياء، كما سوف نعرف عن قريب.
وجاء بعد ذلك دور الفلسفة الإسلامية على يد الفيلسوف الإسلامي الكبير (صدر الدين الشيرازي)، فوضع نظرية الحركة العامّة، وبرهن فلسفياً على أنّ الحركة بمفهومها الدقيق الذي عرضناه، لا تمسّ ظواهر الطبيعة وسطحها العرضي فحسب، بل الحركة في تلك الظواهر ليست إلّاجانباً من التطوّر يكشف عن جانب أعمق، وهو التطوّر في صميم الطبيعة وحركتها الجوهرية؛ ذلك أنّ الحركة السطحية في الظواهر لمّا كان معناها التجدّد والانقضاء، فيجب لهذا أن تكون علّتها المباشرة أمراً متجدّداً غير ثابت الذات أيضاً؛ لأنّ علّة الثابت ثابتة، وعلّة المتغيّر المتجدّد متغيّرة متجدّدة، فلا يمكن أن يكون السبب المباشر للحركة أمراً ثابتاً، وإلّا لم تنعدم أجزاء الحركة، بل تصبح قراراً وسكوناً[1].
[1] ويتلخّص الاستدلال الرئيسي على الحركة الجوهرية بالأمرين التاليين:
الأوّل- أنّ العلّة المباشرة للحركات العرضية والسطحية في الأجسام- من الميكانيكية والطبيعية- قوّة خاصّة قائمة بالجسم، وهذا المعنى صادق حتّى على الحركات الآلية التي يبدو لأوّل وهلة أ نّها منبثقة عن قوّة منفصلة، كما إذا دفعت بجسم في خطّ افقي أو عمودي، فإنّ المفهوم البدائي من هذه الحركة أ نّها معلولة للدفعة الخارجية والعامل المنفصل، ولكنّ الواقع غير هذا؛ فإنّ العامل الخارجي لم يكن إلّاشرطاً من شروط الحركة. وأمّا المحرّك الحقيقي فهو: القوّة القائمة بالجسم، ولأجل ذلك كانت الحركة تستمرّ بعد انفصال الجسم-